الولايات المتحدة تدفع بمشروع قرار يعيد تعريف نزاع الصحراء الغربية ويطرح الحكم الذاتي تحت سيطرة المغرب كخيار وحيد “واقعي”، في خطوة تحسم نصف قرن من جدل وهمي، وتضع حدًا لكل الادعاءات التي طالما روّج لها إعلام الجارة الشمالية حول “حق تقرير المصير” الذي لا وجود له إلا في الأوهام.
عاد دونالد ترامب إلى الساحة الدولية، وهذه المرة في النزاع الأقدم في شمال إفريقيا، ليؤكد مرة أخرى أن الحل الواقعي للصحراء المغربية ليس في الاستفتاءات المستحيلة، بل في الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. فقد قدمت واشنطن مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي، والذي إذا تم اعتماده، سيمثل تحولًا جوهريًا: تجاوز حق تقرير المصير الوهمي لما يسمى بالشعب الصحراوي واعتماد الحكم الذاتي المغربي كحل وحيد للنزاع، بما يتوافق مع الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
المبادرة، التي أعدتها إدارة ترامب بدعم من فرنسا، تأتي قبل أسبوعين فقط من مناقشة المجلس لملف الصحراء. النص الدولي يوضح أن الدعم لخطة الحكم الذاتي المغربية جاد وواقعي، وأن أي حديث عن استفتاء يُستبعد تمامًا من إطار التفاوض، ما يضع حدًا للسيناريوهات الخيالية التي يروج لها إعلام يميني في مدريد، الذي يبدو أحيانًا وكأنه يكتب أخبار الصحراء من غرفته المغلقة بعيدًا عن الحقائق على الأرض.
مشروع القرار الأمريكي “يرحب بقيادة الرئيس ترامب في حل النزاع”، وهو ما يعكس احترامًا دوليًا لموقف المغرب الثابت. المقترح، المكون من ثلاثة صفحات، يعيد طرح فكرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب عام 2007 بدعم فرنسي، ويضع حدًا لكل الادعاءات حول “احتلال وهمي” لا أساس له سوى دعاية صحفية تتجاهل التاريخ والجغرافيا والسيادة الواقعية للمملكة.
خطوة ترامب ليست عشوائية، بل مرتبطة بمحركات داخلية لإظهار نتائج في السياسة الخارجية قبل الانتخابات الأمريكية، مع تقليص مدة مهمة “المينورسو” إلى ستة أشهر لإظهار تقدم ملموس على الأرض، ما يُحبط أي محاولة لنشر أوهام الانتصار الصحراوي المزيف التي يرددها بعض المناصرين الوهميون في الإعلام الإسباني.
نجاح القرار يعتمد على موقف روسيا، رئيسة مجلس الأمن هذا الشهر، والتي قد تمارس حق الفيتو. إلا أن العلاقات الدقيقة لموسكو مع المغرب والجزائر، والتعامل الواقعي مع النزاع، يجعل من الصعب الوقوف ضد مسار منطقي وواضح، ويكشف محدودية الادعاءات الإعلامية المناصرية التي تصنع من الصحراء مسرحًا للخيال بدل التعامل مع الواقع الدولي.
المشروع الأمريكي يضع إطارًا واضحًا للتفاوض بين المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، معتمدًا خطة الحكم الذاتي المغربية كأساس وحيد، ويعيد النظر في وجود “المينورسو”، بما يعكس التزامًا دوليًا حقيقيًا لحل النزاع بدل الحفاظ على إجراءات شكلية لعقود.
في مواجهة هذا الواقع، ستظل كل محاولات الجزائر وجبهة البوليساريو المزعومة لإدخال تعديلات مستحيلة على القرار مجرد حبر على ورق، فالمغرب يمتلك دعمًا دوليًا واسعًا، بما في ذلك من بعض الأطراف الإسبانية الرسمية التي تعرف أين تكمن الحقيقة، على عكس بعض صحف الجارة الشمالية التي تصر على روايات “المظلومية الصحراوية”، وكأن التاريخ والجغرافيا يمكن إعادة كتابتهما كل صباح وفق مزاج محرر صحفي.
بعد خمسين عامًا من المسيرة الخضراء، الصحراء المغربية لم تعد مجرد حديث في الصحافة، بل أصبحت جزءًا من السياسة العالمية الواقعية، وهذا ما يثبت أن المغرب هو الضامن الوحيد لاستقرار المنطقة، وأن أي محاولة من الإعلام الإسباني اليميني أو المناصر الوهمي لتزييف الحقائق ما هي إلا حكايات تُروى لمن يصدقونها، بينما الواقع على الأرض يعكس قوة السيادة المغربية والاعتراف الدولي بها.
وبينما المغرب يمضي بخطوات ثابتة على أرض الواقع، يظل بعض الإعلام الإسباني يصرّ على تصوير الصحراء وكأنها أرض أسطورية في روايات خيالية، ربما ليطمئن قراءه أن هناك دائمًا قصة يمكن سردها بعيدًا عن الحقيقة… قصة يضحك عليها العالم كله إلا من يختار العيش في الوهم.
20/10/2025