kawalisrif@hotmail.com

“شباك الموت” في مضيق جبل طارق… مناورات خطيرة تثير الجدل البيئي وتدفع إسبانيا للضغط على المغرب

“شباك الموت” في مضيق جبل طارق… مناورات خطيرة تثير الجدل البيئي وتدفع إسبانيا للضغط على المغرب

في تصعيد بيئي جديد يُنذر بتوتر على ضفتي المتوسط، دقّت منظمة فيرديمار إيكولوجيستاس إن أكثيون – الخضر من أجل العمل البيئي ناقوس الخطر، محذّرة مما وصفته بـ“شباك الموت” التي تستخدمها قوارب صيد مغربية في مياه مضيق جبل طارق.

هذه الشباك — وهي شباك انجرافية محظورة دولياً — تهدد بشكل مباشر الحياة البحرية في أحد أهم الممرات المائية في العالم، وتفتح الباب أمام أزمة بيئية عابرة للحدود، دفعت إسبانيا إلى مطالبة المغرب بتحرك عاجل.

رفعت المنظمة البيئية شكاية رسمية إلى وزارة التحول البيئي والتحدي الديموغرافي الإسبانية (MITECO)، طالبت فيها بتدخل عاجل لمواجهة ما اعتبرته “ممارسات صيد غير قانونية ومدمرة للبيئة”.

تقول منظمة الخضر من أجل العمل البيئي إن قوارب الصيد المغربية تنصب شباكاً انجرافية بشكل عشوائي، ما يؤدي إلى اصطياد أنواع بحرية محمية، مثل الدلافين، السلاحف البحرية، أسماك القرش، وطيور بحرية نادرة. وتشير إلى أن هذا النشاط يهدد التنوع البيولوجي البحري، ويدمّر موائل حيوية تعتبر مناطق تكاثر وتغذية لمئات الأنواع.

كما حذّرت من أن ترك هذه الشباك في ممرات الملاحة الكثيفة يشكّل خطراً مباشراً على حركة السفن، ويرفع من احتمالية وقوع حوادث بحرية خطيرة.

تصاعد الجدل بعد حادثة وقعت الأسبوع الماضي، حين أوقفت عناصر الحرس المدني الإسباني ثلاثة صيادين مغاربة من بلدة بليونش، ضُبطوا وهم يصطادون سمكة من نوع التونة الحمراء تزن نحو 90 كيلوغراماً.
وتُعتبر هذه السمكة من الأنواع المحمية التي يُمنع صيدها وفق القوانين الأوروبية والدولية. وقد فتحت السلطات الإسبانية تحقيقاً في القضية على أساس “جريمة ضد الحياة البرية”.

يُعد مضيق جبل طارق موقعاً بحرياً استراتيجياً وفريداً، تصنّفه اليونسكو كمحمية محيط حيوي بين قارتين، كما يخضع لحماية أوروبية بموجب تصنيفات بيئية خاصة:

ZEPIM: مناطق ذات أهمية خاصة في البحر الأبيض المتوسط.

LIC: مناطق ذات أهمية مجتمعية.

ZEPA: مناطق لحماية الطيور.

وتحذر منظمات بيئية من أن استمرار استخدام هذه الشباك قد يحوّل المنطقة إلى “مكب بيئي بحري” ويفقدها قيمتها الإيكولوجية والاقتصادية.

دعوة إلى التنسيق المغربي الإسباني

في خضم هذا الجدل، دعت منظمة فيرديمار إيكولوجيستاس إن أكثيون – الخضر من أجل العمل البيئي السلطات الإسبانية إلى تكثيف المراقبة البحرية وفتح قنوات تعاون مباشر مع السلطات المغربية، مؤكدة أن أي حل أحادي الجانب “لن يكون كافياً في ممر بحري مشترك”.

في المقابل، يرى مراقبون مغاربة أن بعض المنابر الإعلامية الإسبانية تبالغ في تغطية هذه القضية لأسباب قد تتجاوز البعد البيئي، في ظل توترات متقطعة بين الرباط ومدريد حول ملفات الصيد البحري والسيادة البحرية.

ورغم ذلك، يتفق الخبراء على أن حماية المضيق مسؤولية مشتركة، وأن التنسيق الثنائي بين الجانبين المغربي والإسباني ضروري للحفاظ على هذا الفضاء البيئي والاقتصادي الحساس.

القضية الراهنة تكشف عن تقاطع ملفات البيئة والسيادة والاقتصاد البحري في منطقة تُعد شرياناً رئيسياً للتجارة العالمية. ويبدو أن تجنّب التصعيد يتطلب تقوية آليات المراقبة المشتركة وتحديث اتفاقيات الصيد البحري بما يضمن حماية الموارد البحرية وحقوق الصيادين المحليين في آن واحد.

“شباك الموت” ليست سوى فصل جديد من فصول التوتر البيئي في مضيق جبل طارق… لكنها قد تتحول إلى اختبار حقيقي لمدى متانة العلاقات المغربية الإسبانية.

22/10/2025

Related Posts