في ضربة أمنية جديدة وصفت بالأكبر منذ مطلع السنة الجارية، أعلنت الشرطة الوطنية الإسبانية عن إحباط عملية تهريب ضخمة لحوالي 15 طناً من الحشيش عالي الجودة، كانت مخبأة بإحكام داخل شاحنة دخلت التراب الإسباني عبر ميناء الجزيرة الخضراء، قبل أن تتوجه إلى مدينة سانلوكار دي باراميدا بإقليم قادس لتفريغ حمولتها داخل شركة متخصصة في الرخام، استُغلت كواجهة لتغطية النشاط غير المشروع.
ووفق المعطيات التي أوردتها مصادر أمنية إسبانية، فإن العملية جاءت بعد تحقيقات معمّقة استمرت عدة أشهر، تمكن خلالها المحققون من تحديد مسارات الشحنة القادمة من شمال المغرب، وتعقب أفراد الشبكة إلى حين تنفيذ المداهمة أثناء قيامهم بتفريغ نحو 375 رزمة من الحشيش داخل المستودع الصناعي.
وقد أسفرت العملية عن اعتقال 13 شخصاً من جنسيات مختلفة، بينهم مغاربة وإسبان وعدد من الأوروبيين، فضلاً عن حجز أسلحة نارية ومعدات اتصال متطورة كانت تُستعمل في التنسيق بين المهربين عبر الحدود. وتشير التحقيقات الأولية إلى أن هذه الشبكة كانت تنشط في مجال التهريب الدولي للمخدرات مستغلة الطرق التجارية بين المغرب وإسبانيا لتصريف كميات ضخمة نحو السوق الأوروبية.
وتوضح المصادر أن هذه الشحنة تمثل ضربة موجعة لمافيات الحشيش في الجنوب الإسباني، التي لا تزال تحاول التكيف مع القبضة الأمنية المشددة في مضيق جبل طارق، عبر اعتماد مسارات بديلة تجمع بين النقل البحري والبري لتفادي الرصد الأمني.
من جانب آخر، أكدت تقارير إعلامية أن إقليم قادس أصبح منذ سنوات نقطة ضغط متزايدة في ملف التهريب، خصوصاً بعد إطلاق الخطة الأمنية الخاصة بمنطقة جبل طارق سنة 2018، ما أدى إلى نزوح التنظيمات الإجرامية نحو السواحل الغربية حيث تقل المراقبة نسبياً مقارنة بالمضيق.
وتُعد هذه العملية من أكبر النجاحات الأمنية خلال سنة 2025، بعد سلسلة من التدخلات المماثلة كان أبرزها تفكيك شبكة أخرى قبل أسابيع فقط، تم ضبطها متلبسة بتهريب 11 طناً من الحشيش المغربي داخل شحنات من البطيخ المعد للتصدير.
على الجانب المغربي، أعاد هذا الحجز الكبير إلى الواجهة الجدل حول الأساليب المستحدثة التي تلجأ إليها شبكات التهريب العابرة للحدود، خصوصاً في ظل وجود تعاون أمني وثيق بين الرباط ومدريد نجح خلال السنوات الأخيرة فيكك تفكيك العديد من الشبكات وتبادل المعلومات الاستخباراتية في الوقت الحقيقي.
ويرى مراقبون أن استمرار تدفق هذه الكميات الضخمة من المخدرات نحو أوروبا يعكس تعقيد المشهد الإجرامي في غرب المتوسط، ويستدعي مزيداً من التنسيق المغربي–الإسباني، ليس فقط على مستوى الردع الأمني، ولكن أيضاً عبر مقاربة تنموية ومجتمعية تستهدف تفكيك البنية الاقتصادية التي تستفيد منها شبكات التهريب وتمويل الجريمة المنظمة.
23/10/2025