في خطوة أثارت تباين القراءات السياسية، أعلنت جبهة البوليساريو عن تقديم مقترح للأمين العام للأمم المتحدة يهدف إلى تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير عبر استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. وأكدت الجبهة استعدادها لما سمتها “تقاسم فاتورة السلام” مع المغرب والدخول في مفاوضات مباشرة وجادة بحسن نية ودون شروط مسبقة، في إطار رعاية الأمم المتحدة، وذلك في توقيت حساس قبل قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن النزاع في الصحراء.
تأتي هذه المبادرة في سياق دولي متغير يشهد تراجعًا في دعم الأطروحات الانفصالية، حيث اتجهت قوى إقليمية ودولية، أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، إلى دعم حل الحكم الذاتي، فيما بدأت روسيا مؤخرًا تبدي إشارات إيجابية على هذا المستوى. ويأتي مقترح البوليساريو أيضًا في ظل ضغوط أمريكية على الجزائر لتبني نهج عملي وواقعي لحل النزاع، بما يشمل تخفيف التوتر مع المغرب، كما أشار ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي، مؤكداً سعي واشنطن لإبرام اتفاق سلام بين الجزائر والرباط خلال الأسابيع المقبلة.
ووسط هذا السياق، انقسمت آراء المحللين بين من يرى في خطوة البوليساريو انعكاسًا لانخراط الجزائر والجبهة الانفصالية في نهج براغماتي يعكس التحولات الإقليمية والدولية، ومن يعتبرها مناورة تهدف لإبقاء النزاع مفتوحًا واستغلال الاتحاد الإفريقي كأداة ضغط، حيث يفتقد الأخير إلى المصداقية اللازمة للعب دور الوسيط بسبب اعترافه المسبق بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”. ويشير الخبراء إلى أن هذه التحركات تكشف عن دور المخابرات الجزائرية في توجيه البوليساريو وإطالة أمد الصراع، محولة النزاع إلى ورقة مساومة إقليمية تهدد استقرار المنطقة ومسار المفاوضات الدولية، بينما المغرب يواصل تعزيز شرعيته الدولية في حل الحكم الذاتي.
23/10/2025
