لم تمرّ أيام قليلة على دخول الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي أسوار سجن “لا سانتي” حتى تحوّل المكان إلى مسرح للتوتر والجدل، بعد انتشار مقطع مصوّر من داخل السجن يوثق تهديدات خطيرة وشتائم وُجّهت إليه من طرف سجناء غاضبين.
وأكد مكتب المدعي العام في باريس، الأربعاء، أن النيابة فتحت تحقيقاً عاجلاً عقب تلقيها بلاغاً من إدارة السجن، حول الفيديو الذي صُوّر خلسة وانتشر على مواقع التواصل، ويُظهر أحد النزلاء وهو يهدد ساركوزي بالقتل لحظة وصوله إلى المؤسسة العقابية.
وقال المكتب في بيان رسمي: “تم استجواب ثلاثة سجناء وضبط هاتفين خلويين في إطار التحقيق الجاري”.
ساركوزي، الذي قاد فرنسا بين عامي 2007 و2012، بدأ هذا الأسبوع تنفيذ حكمٍ بالسجن خمس سنوات بعد إدانته في القضية المعروفة بـ“التمويل الليبي”، والمتعلقة باتهامات بتلقي أموال من نظام معمر القذافي لدعم حملته الانتخابية عام 2007.
منذ أول ليلة له خلف القضبان، لم يكن الهدوء جزءاً من التجربة. فقد تناقلت صفحات التواصل مقاطع صاخبة تُظهر سجناء يصرخون من نوافذ زنازينهم: “سننتقم للقذافي… أعد المليارات!”، فيما سخر آخرون قائلين: “استيقظ يا ساركوزي!”
محامي الرئيس السابق حاول التقليل من خطورة الأمر قائلاً: “هذه أصوات معتادة في السجون، الجميع يصرخ ويحدث ضجيجاً.”
غير أن السلطات الفرنسية لم تتعامل مع التهديد بخفة. فقد جرى تعيين ضابطي شرطة مسلحين لحراسة ساركوزي طيلة فترة سجنه، وهو إجراء أثار استياء نقابات حراس السجون التي رأت فيه “تمييزاً غير مبرر”.
وفي خضم الجدل، خرج وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان في تصريح لقناة CNews قائلاً:
“الفيديو يؤكد وجود خطر حقيقي يهدد الرئيس السابق، ومن الضروري التعامل مع وضعه بعناية شديدة.”
وأضاف الوزير أنه يعتزم زيارة ساركوزي قريباً داخل السجن “للاطلاع على ظروف احتجازه عن قرب”، رغم التحذيرات من إمكانية اعتبار الزيارة “تدخلاً في استقلال القضاء”.
وأكد دارمانان أن السجناء المتورطين في تصوير الفيديو سيخضعون لـ”محاكمة فورية”، مشيراً إلى نقل بعضهم إلى جناح التأديب وآخرين إلى مؤسسات سجنية مختلفة.
وختم الوزير قائلاً: “لن نُخاطر بأي شكل من الأشكال بأمن السجن أو حياة أي شخص.”
أما ساركوزي نفسه، فكان قد صرّح قبل دخوله السجن لصحيفة لا تريبون دو ديمانش:
“لست خائفاً من السجن … سأبقى مرفوع الرأس حتى على أبوابه.”
23/10/2025