kawalisrif@hotmail.com

كانت تهرب إلى المغرب قبل إغلاق الحدود … مليلية تختنق تحت أكوام المتلاشيات … أزمة بيئية تتفاقم واتهامات بسوء التدبير

كانت تهرب إلى المغرب قبل إغلاق الحدود … مليلية تختنق تحت أكوام المتلاشيات … أزمة بيئية تتفاقم واتهامات بسوء التدبير

تعيش مدينة مليلية على وقع أزمة بيئية غير مسبوقة، بعدما تحولت شوارعها وأحياؤها إلى مستودعات مفتوحة للنفايات والمتلاشيات، في ظل تراكم غير مسبوق لمخلفات الأثاث والأجهزة القديمة ومواد البناء، التي كانت في السابق تُهرَّب إلى الجهة المغربية عبر معبر بني أنصار في إطار ما كان يُعرف بـ“التهريب المعيشي”.

غير أن إغلاق المعبر بشكل نهائي سنة 2020، ووقف جميع أنشطة التهريب غير المهيكل، ترك آثاراً عميقة على المدينة، حيث تكدّست المتلاشيات داخل الثغر المحتل بعدما كانت تجد طريقها سابقاً إلى الضفة المغربية لتُعاد تدويرها أو بيعها بأسواق الناظور والجهة الشرقية.

وفي هذا السياق، حذّرت منظمة “غويلايا – إيكولوجيستاس إن أكثيون” البيئية من “تفاقم الوضع البيئي الخطير” بالمدينة، مؤكدة أن مليلية “تغرق حرفياً وسط القمامة والأثاث المهمل”، وأن السلطات “تتعامل بلامبالاة مع أزمة قد تتحول إلى كارثة بيئية وصحية تهدد السكان”.

وصرّح منسق المنظمة، مانويل تابيا، أن “المدينة لم تعرف من قبل مثل هذا التدهور في نظافتها”، مشيراً إلى أن “المشكلة لم تعد فقط في القمامة اليومية، بل في تراكم المتلاشيات الثقيلة مثل الأثاث والأجهزة الكهربائية والمركبات المهجورة، التي تُركت في الشوارع والأحياء دون جمعها أو إعادة تدويرها”.

وأوضح تابيا أن هذه الأزمة البيئية “هي نتيجة مباشرة لإغلاق معبر بني أنصار”، مضيفاً: “في السابق، كانت كميات هائلة من المتلاشيات تجد طريقها إلى الخارج، حيث يعاد استخدامها أو بيعها. اليوم، كل تلك المواد تبقى هنا، في مليلية، لتتحول إلى مصدر تلوث دائم.”

من جهتها، طالبت جمعيات الأحياء والمنظمات المدنية بتدخل عاجل لإطلاق خطة طوارئ شاملة تشمل تنظيف شامل، وتدبير النفايات الكبيرة، وإعادة تنظيم القطاع البيئي، معتبرة أن “المدينة أصبحت تعكس فوضى تدبيرية غير مسبوقة تضر بصورة مليلية وسكانها.”

يرى مراقبون أن هذه الأزمة تكشف عن فشل هيكلي في تدبير الشأن المحلي بمليلية، حيث لم تستطع السلطات إيجاد بدائل اقتصادية أو بيئية بعد نهاية التهريب المعيشي، مما جعل المدينة تواجه تحديات متزايدة في إدارة النفايات والمجال الحضري.

ويشير خبراء البيئة إلى أن الاعتماد الطويل على معبر بني أنصار كمنفذ لتصريف النفايات والمتلاشيات “خلق نوعاً من الاتكالية الخطيرة”، حيث لم تطور المدينة أي منظومة محلية لمعالجة المخلفات أو إعادة تدويرها، الأمر الذي أدى إلى هذا الاختناق البيئي المتفاقم.

من الجانب المغربي، يُنظر إلى المشهد البيئي الحالي في الثغر المحتل كأحد الانعكاسات المباشرة لإغلاق التهريب المعيشي، الذي كان رغم سلبياته يتيح تصريف كمٍّ هائل من البضائع والمواد المستعملة نحو المغرب. واليوم، ومع تشديد المراقبة على الحدود، لم تجد سلطات الاحتلال الإسباني حلولاً بديلة، ما جعل المدينة “تغرق في متلاشياتها الخاصة”.

ويرى مهتمون أن ما يجري في مليلية السليبة يمثل دليلاً صارخاً على هشاشة نموذجها الاقتصادي والبيئي، المعتمد بشكل مفرط على الأنشطة الحدودية، وأن الوقت قد حان لتبني رؤية تنموية حقيقية تعيد التوازن بين الاقتصاد والبيئة وتحافظ على كرامة السكان في مدينة تحولت إلى “رمزٍ للفوضى الحضرية والإهمال البيئي”.

23/10/2025

Related Posts