kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا :    الأميرة ليونور تخطف الأضواء في جوائز “أميرة أستورياس” … صوت جيلٍ جديد يطالب بالخروج من الخنادق

إسبانيا : الأميرة ليونور تخطف الأضواء في جوائز “أميرة أستورياس” … صوت جيلٍ جديد يطالب بالخروج من الخنادق

في مشهد رمزيّ يجسد انتقال الأدوار داخل المؤسسة الملكية الإسبانية، برزت الأميرة ليونور خلال حفل تسليم جوائز “أميرة أستورياس” بمدينة أوفييدو، كوجهٍ شبابيٍّ واعد يجمع بين الوعي الاجتماعي والحس الإنساني والجرأة في الخطاب. الأميرة الشابة لم تكتفِ بأداء بروتوكولي، بل خاطبت الحاضرين بروحٍ جديدةٍ تنتمي إلى جيلها، داعيةً إلى العودة إلى القيم الأساسية، وإلى “الخروج من الخنادق” والتوحد من أجل مستقبلٍ أفضل.

الحفل الذي احتضنه مسرح كامبوأمور حضره العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس والملكة ليتيثيا والأميرة صوفيا والملكة الأم صوفيا، وسط أجواء احتفالية امتزج فيها الفخر الوطني بالتأمل في مسار العائلة الملكية. الملك فيليبي لم يُخفِ رمزية اللحظة، حين صرّح قائلاً: “لقد حان الوقت لأفسح المجال لابنتي”، مؤكداً أنه سيظل مرتبطاً بهذه الجوائز وبقيمها، وبمنطقة أستورياس التي تحمل رمزية خاصة لدى العائلة الملكية.

في خطابها المؤثر، دعت الأميرة ليونور إلى “العودة إلى الأساسيات” وإلى احترام من يختلفون عنا، موجهةً نداءً إلى المجتمع الإسباني للاهتمام بالفئات الهشة، وبالشباب الذين يكافحون من أجل التعلم والعمل وامتلاك منزل، وبكبار السن الذين يعانون العزلة، وبالأطفال المهددين بالفقر. وأكدت أن “التعايش ليس سهلاً، لكنه الطريق الوحيد نحو التقدم المشترك”، داعيةً إلى نبذ الخوف والاتحاد من أجل تحقيق الأفضل.

وبلغةٍ قريبةٍ من الشباب، أكدت الأميرة أنها “من جيل Z، ابنة لجيل X ولبومر”، مستعملةً مصطلحاتٍ رقميةً عصرية مثل “التمرير اللامتناهي” و”الرمز الذي ينفجر فيه الرأس”، لتبرهن أنها تفهم لغة عصرها وتخاطب شباب إسبانيا بلغتهم. وقدّمت الأميرة تحيةً خاصةً للمتوجين بالجائزة، من بينهم ماريو دراغي الذي أشادت بدفاعه عن القيم الأوروبية، وسيرينا ويليامز التي قالت إنها “لا يمكن فهم التنس من دونها”، والعالمة ماري كلير كينغ على اكتشافاتها الجينية والتزامها الإنساني.

كما توقفت عند المتحف الوطني للأنثروبولوجيا في المكسيك معتبرةً أنه “يعكس قوة شعبٍ يواجه تاريخه بفخر”، وأشادت بالمصورة غراسييلا إيتوربيدي التي دعت شباب جيلها إلى “التأمل في الصور دون عجلة”، وبالباحث دوغلاس ماسي على جهوده في “إعادة البعد الإنساني إلى قضية الهجرة”.

أما اللحظة الأكثر دفئاً، فكانت عندما تحدثت عن الكاتب الإسباني إدواردو مينديثا، مؤكدةً أنها أمضت الصيف في قراءة أعماله، وأنها تعلمت من أدبه حب الكلمة ودقة التعبير. وقالت: “أعمالك ضرورية لفهم العالم، فهي تساعدنا على ترك التمرير اللامتناهي والانغماس في قراءةٍ عميقةٍ تُنمي الفكر والتأمل”.

اختتمت الأميرة الحفل بإعلان انطلاق دورة جوائز سنة 2026، في إشارةٍ رمزيةٍ إلى مرحلةٍ جديدة من النضج والمسؤولية. وقد بدا واضحاً أن إسبانيا تُعدّ نفسها لجيلٍ ملكيٍّ جديد، تتصدره أميرة تحمل رؤية معاصرة، تجمع بين الأصالة والحداثة، وتخاطب العالم بلغة القيم والتعايش الإنساني، في زمنٍ تتقاطع فيه الهويات وتتباين الرؤى.

24/10/2025

Related Posts