اهتزت مدينة بلد الوليد الإسبانية، يومه الجمعة، على وقع حكم قضائي تاريخي صدر ضد خمسة أفراد من عائلة واحدة من أصل مغربي، بعد إدانتهم باستغلال مهاجرين في وضعية غير قانونية ضمن أعمال زراعية، دون تسجيلهم في نظام الضمان الاجتماعي، في واحدة من أبرز قضايا ما يُعرف بـ”العبودية الحديثة” في القطاع الزراعي الإسباني.
القضية، التي أثارت صدمة في الأوساط الحقوقية والإعلامية، كشفت حجم الانتهاكات التي يتعرض لها العمال المهاجرون في بعض المزارع، حيث يعملون لساعات طويلة مقابل أجور زهيدة وفي ظروف صعبة، محرومين من أدنى حقوقهم القانونية. وأكدت المحكمة أن المتهمين أقدموا على استغلال هشاشة هؤلاء العمال، مستفيدين من وضعيتهم غير القانونية لفرض شروط عمل غير إنسانية، ما يمثل انتهاكاً صارخاً للحقوق الأساسية للإنسان.
الحكم قضى بسجن جميع المتهمين لمدة عامين، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة قوية من القضاء الإسباني على جدية مكافحة الاستغلال العمالي والعبودية الحديثة في القطاع الزراعي، الذي يشهد تكرار مثل هذه الانتهاكات رغم القوانين الصارمة. كما سلطت القضية الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز آليات الحماية القانونية للمهاجرين وتفعيل الرقابة على المزارع التي توظف العمال غير النظاميين.
مصادر قضائية وأخرى حقوقية أكدت أن التحقيقات كشفت أن العمال كانوا يُجبرون على العمل لساعات طويلة بلا استراحة مناسبة، وأن أجورهم لم تُسدد بانتظام، ما يعكس الواقع القاسي الذي يعيشه المهاجرون في بعض المزارع الإسبانية. هذه الواقعة، التي انتشرت أخبارها بسرعة في وسائل الإعلام الإسبانية، أعادت فتح النقاش حول ظاهرة الاستغلال العمالي في أوروبا، خصوصاً في القطاعات التي تعتمد على اليد العاملة المهاجرة.
القضاء الإسباني، عبر هذا الحكم، أراد توجيه رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه استغلال العمال المهاجرين، مفادها أن الاستفادة من هشاشة الآخرين ستقابل بعقوبات صارمة. كما شددت المنظمات الحقوقية على ضرورة أن تكون هذه القضية نقطة انطلاق لإصلاحات حقيقية في القطاع الزراعي، لضمان بيئة عمل آمنة وعادلة لكل العاملين، بغض النظر عن وضعهم القانوني أو جنسياتهم.
في بلدٍ يشتهر بإنتاجه الزراعي الكبير، يبدو أن العدالة بدأت تتقدم خطوة نحو حماية حقوق العمال الضعفاء، لكن المجتمع المدني يطالب بمزيد من الرقابة والإجراءات الوقائية لمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.
24/10/2025











