في عملية أمنية استثنائية، تمكنت الشرطة الوطنية الإسبانية من تفكيك شبكة احتيال واسعة داخل نظام حماية الأطفال المهاجرين في مدينة تاراغونا، تورط فيها حوالي 30 شخصًا، أغلبهم أباء وأمهات مغاربة، متهمين بالتخلي عن أبنائهم عمدًا للاستفادة من موارد الدولة الإسبانية.
بدأت التحقيقات في عام 2023 بعد اكتشاف نمط خطير، حيث كانت بعض العائلات تحضر أطفالها إلى إسبانيا بتأشيرات سياحية من النوع “ج”، ثم تتخلى عنهم قرب مراكز الشرطة أو مراكز رعاية القاصرين، وفق تعليمات دقيقة من أولياء الأمور. وبهذه الطريقة، يتم تفعيل نظام الحماية القاصر لتستفيد الأسر لاحقًا من الإعانات الاجتماعية والتعليم والرعاية الصحية، وصولًا إلى تسهيل منح تصاريح إقامة للقصر.
أسفرت التحقيقات عن تحديد 124 ملفًا لشباب في مراكز الحماية تنطبق عليهم هذه المعايير، وتم تحليل 109 ملفات منها، ما كشف عن احتيال في الضمان الاجتماعي بقيمة 1,589,747 يورو.
حددت الشرطة نوعين رئيسيين من العائلات:
1- أسر متوسطة إلى مرتفعة الدخل، تحمل تأشيرات شنغن متعددة، تقوم بالتخلي عن أطفالها ثم العودة إلى بلدها مع الحفاظ على الاتصال الهاتفي مع القاصرين.
2-أسر محدودة الإمكانيات الاقتصادية، يبقى الوالدان في إسبانيا بعد تعليم أبنائهم، مع الالتزام بزيارات منتظمة للمراكز.
أطلق المحققون على العملية اسم “عملية AME”، والتي اعتمدت على بلاغات قاصرين قدمتها المديرية العامة للوقاية وحماية الأطفال والمراهقين، بالتعاون مع الوحدة المركزية لشبكات الهجرة غير الشرعية وتزوير الوثائق.
لم تقتصر هذه الظاهرة على تاراغونا، بل تم رصدها أيضًا في إقليم الباسك، حيث قام بعض الآباء المغاربة بتوجيه أطفالهم إلى مراكز الرعاية في بلباو للاستفادة من نظام الحماية الإقليمي، رغم أن أغلب هؤلاء الأطفال كانوا متعلمين جيدًا ويعرفون كيفية التهرب من كشف جوازات سفرهم أو تأشيرتهم في الفترة الأولى.
اعتبرت المستشارة الإقليمية لحقوق الأطفال، مونيكا مارتينيز برافو، هذه الأفعال جريمة تخلي عن الأطفال، مشيرة إلى أن العائلات كانت قادرة على رعاية أبنائها في ظروف جيدة. وتم حتى الآن إعادة 22 قاصرًا إلى والديهم بعد إنهاء الوصاية عليهم، مع استمرار التحقيقات لتحديد جميع النفقات والمستفيدين من النظام الحكومي.
تسلط هذه العملية الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجهها السلطات الإسبانية في حماية الأطفال المهاجرين، وتوضح الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للأسر المغربية في المهجر، بين حرصها على مستقبل أبنائها ورغبتها في الاستفادة من أنظمة الحماية، وبين ما يُعدّ احتيالًا على الدولة.
إنها دعوة للوعي المجتمعي والأمني، لحماية الأطفال وضمان حقوقهم الأساسية، مع ضرورة متابعة هذه الحالات لضمان عدم تكرارها مستقبلاً.
25/10/2025











