kawalisrif@hotmail.com

من مهازل التسيير بجماعة بوعرك بالناظور …  اتفاقية “التمييز المائي” :    حين يُسقى البعض بالصفقات ويُترك الآخرون للعطش

من مهازل التسيير بجماعة بوعرك بالناظور … اتفاقية “التمييز المائي” : حين يُسقى البعض بالصفقات ويُترك الآخرون للعطش

في مشهدٍ يختزل عبث التسيير المحلي بإقليم الناظور، تواصل جماعة بوعرك إثارة الجدل من خلال اتفاقية شراكة خاصة بتمويل وإنجاز مشاريع الماء الصالح للشرب، يفترض أن تكون لبنة في طريق العدالة المجالية، لكنها تحوّلت – بقدرة فاعلين محليين – إلى رمز جديد للانتقائية والزبونية في تدبير الشأن العام.

فبينما تهدف الاتفاقية، الموقعة بين مجلس جهة الشرق، والشركة الجهوية للتوزيع، ووكالة الحوض المائي، وعمالة الإقليم، إلى تحقيق تنمية متوازنة عبر تحيين وإنجاز الدراسات، وتحويل الآبار الاستكشافية إلى استغلالية، وبناء خزانات عمومية ومحطات ضخ، وتوسيع شبكات التوزيع وتجهيزها بالطاقة الشمسية، يبدو أن المشروع الطموح اصطدم بجدار المصالح الضيقة والمحاباة الانتخابية.

المعارضة داخل مجلس جماعة بوعرك – رغم أغلبيتها العددية – رفعت صوتها عالياً، مطالبة بتوضيحات دقيقة حول معايير اختيار الدواوير المستفيدة من مشاريع الماء. فقد تم، بحسب الوثائق المتداولة، استثناء عدد من الدواوير العطشى، مقابل إدراج مناطق أخرى لا تُعاني من الخصاص بنفس الحدة، ما كشف عن توزيع غير متوازن للمشاريع يثير أكثر من علامة استفهام.

المثير أن دواوير بعينها مثل “إيوسارن ‘ تابعة للدوائر أعضاء من الأغلبية حظيت بالأولوية ، رغم تباعدها، في حين تم تجاهل واسثناء دواوير قريبة رغم حاجتها الملحّة للماء، في خطوة تُكرّس مبدأ “الماء لمن صوت لنا”، بدل مبدأ “الماء حيث الحاجة”.

مصادر من داخل المجلس وصفت الوضع بـ“الفوضى المقنّنة”، حيث إقارحت المعارضة أن يشمل البرنامج المناطق التي تستحق ، ليستفيد جميع المنازل ، وليس دواوير مختارة بعناية مصلحية رغم تباعدها عن بعضها ، يسير التسيير الإداري على غير هدى، في ظل غياب الرؤية والتنسيق، وهيمنة الحسابات العائلية والسياسية التي جعلت من جلسات المجلس مسرحًا للتلاسنات والمزايدات الفارغة بدل النقاش الهادف.

والأخطر أن أحد نواب الرئيس – الذي لا تفارقه خطب الورع والوعظ – ادّعى زورًا أن المشاريع تمت بناء على توجيهات من السيد عامل الإقليم، في محاولة لتبرير هذا التوزيع المشبوه. لكن الحقيقة، كما تؤكدها مصادر من داخل العمالة، أن السلطة المحلية لا تتدخل في برمجة المناطق المستفيدة، وتترك الأمر للجماعة في إطار احترام مبدأ التدبير الذاتي، وهو ما يفضح زيف تلك الادعاءات.

الاتفاقية تشمل جماعات افسو، بني سيدال الجبل، بني بويفرور، وبوعرك، وكان من المفترض أن تكون نموذجًا للتكامل الإقليمي في مجال الماء الصالح للشرب. غير أن جماعة بوعرك، عوض أن تواكب روح المشروع، اختارت السباحة عكس التيار، بتغليب الولاءات على العدالة، وفتح الباب أمام الشكوك في نزاهة المعايير المعتمدة.

الماء الذي خُصّص لتروي به الدولة عطش الساكنة، تحوّل في بوعرك إلى وقودٍ جديد لصراعات سياسية وولاءات قبلية، في وقتٍ ترفع فيه المملكة شعار الإنصاف الترابي والعدالة المجالية.

ما يجري في بوعرك ليس مجرد “خلل في التوزيع”، بل عطشٌ في الضمير الجماعي، حين تصبح مشاريع الدولة رهينة نزوات أشخاص، وتُدار التنمية بمنطق من يُرضي من؟

هكذا تُختصر الحكاية: مشروع طموح يصطدم بعقليات عطشى إلى النفوذ أكثر من عطشها إلى الماء.

27/10/2025

Related Posts