تفجّرت مؤخرا قضية مثيرة داخل المستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة، بعد اتهامات وُجهت لإحدى الشركات الفائزة بصفقة مناولة بتقديم وثائق “مشبوهة” ضمن ملف ترشيحها، وفق ما أكّدته شركة منافسة لجأت إلى القضاء للطعن في نتائج الصفقة.
وبحسب المعطيات التي توصلت بها “كواليس الريف” ، فإن الشركة المقصية تعتبر أن منافستها حصلت على الصفقة عبر وثائق غير قانونية، وقد رفعت دعوى قضائية تتهم فيها الشركة الفائزة بـ“التزوير واستعماله”.
لكنّ التطور الأبرز في الملف، حسب نفس المصادر، هو ما قيل عن محاولة إدارة المستشفى الجامعي التدخل للوساطة بين الطرفين، بهدف دفع الشركة المتضررة إلى سحب دعواها مقابل تنازل الشركة الفائزة عن الصفقة، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى علم الإدارة بمضمون الوثائق المقدمة ومسؤوليتها في مراقبة سلامتها القانونية.
ويطرح هذا المستجد أسئلة عميقة حول شفافية تدبير الصفقات العمومية داخل المؤسسة الصحية، خاصة في غياب أي بلاغ رسمي أو إعلان عن فتح تحقيق داخلي لتوضيح حقيقة ما جرى.
فالقوانين المنظمة للصفقات العمومية تُلزم الإدارة المتعاقدة بالتحقق من صحة الوثائق الإدارية والتقنية المقدمة من المتنافسين، ورفض أي عرض يثبت فيه التزوير أو التلاعب، ما يجعل صمت الإدارة في هذه الحالة مثيراً للريبة.
ويرى متتبعون أن خطورة القضية لا تكمن فقط في شبهة التزوير، بل في تأثيرها المحتمل على جودة الخدمات الصحية، إذ إن فوز شركة غير مؤهلة أو حصلت على الصفقة بطرق غير قانونية قد يؤدي إلى اختلالات في التسيير، وسوء في تنفيذ الالتزامات المتعلقة بالعمال والخدمات.
ورغم أن الملف يوجد حالياً بين يدي القضاء، إلا أن غياب التواصل الرسمي من إدارة المستشفى يثير استغراب الرأي العام، خاصة وأن المؤسسة تُعد من أبرز المرافق الصحية بالجهة الشرقية وتتمتع باستقلالية مالية وإدارية.
ويرى مراقبون أن معالجة الملف بتسويات غير رسمية قد تمس بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتضرب ثقة المواطنين في الشفافية داخل المؤسسات العمومية.
وتطالب أصوات حقوقية ومجتمعية المفتشية العامة لوزارة الصحة والمجلس الأعلى للحسابات بفتح تحقيق عاجل في الموضوع، لتحديد المسؤوليات وضمان عدم تكرار مثل هذه الممارسات، مؤكدين أن “السكوت في مثل هذه القضايا أخطر من الفضيحة نفسها”.
27/10/2025











