أظهر التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط حول نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، أن الهجرة الداخلية أصبحت ظاهرة بنيوية تعكس تحولات ديموغرافية واجتماعية عميقة، مع بروز ما وصفه التقرير بـ”المغرب ذو السرعتين”. وقد بلغ عدد المغاربة الذين انتقلوا مرة واحدة على الأقل خلال حياتهم حوالي 40 في المئة، مع تزايد ظاهرة تأنيث الهجرة حيث تشكل النساء 55.1 في المئة من المهاجرين، بحثاً عن فرص التعليم والعمل والاستقلال الاجتماعي في المدن الكبرى، مقابل تراجع القوى الشابة في المناطق القروية التي تفقد بذلك نصف طاقتها المنتجة.
وأكدت المندوبية أن الهجرة بين المدن تشكل النسبة الأكبر من التنقلات بنسبة 45.6 في المئة، تليها الهجرة القروية – الحضرية بنسبة 34.1 في المئة، ما يعكس الجاذبية المستمرة للمراكز الحضرية الكبرى على حساب الجهات الداخلية. وتشير المعطيات إلى أن جهات مثل مراكش-آسفي ودرعة-تافيلالت تعاني فقداناً كبيراً لسكانها الشباب والمنتجين، مما يرفع معدلات الشيخوخة ويهدد الاستدامة الاقتصادية، بينما تتصدر جهات الدار البيضاء – سطات والرباط – سلا – القنيطرة قائمة الاستقطاب السكاني، ما يعمق الفوارق المجالية ويزيد الضغط على المدن الكبرى في مجالات السكن والنقل والبنية التحتية.
ويبرز التقرير كذلك نجاح السياسات الاستثمارية في الأقاليم الجنوبية، حيث سجلت جهة الداخلة – وادي الذهب أعلى معدل استقبال سكاني بنسبة 62.5 في المئة، تليها جهة العيون – الساقية الحمراء بنسبة 48.9 في المئة، ما يعكس قدرة الهجرة بين الجهات على تحريك ديناميات النمو إذا ما تم تعميم التجربة على باقي المناطق الطاردة للسكان. ودعا التقرير إلى إعادة توجيه الاستثمارات نحو البنيات التحتية الاجتماعية والتعليمية وخلق فرص عمل محلية، خاصة للنساء، لضمان توزيع متوازن للفرص وتحقيق استقرار ديموغرافي وتنمية مستدامة في كافة ربوع المملكة.
28/10/2025











