في ظل منافسة شرسة بين المؤسسات المالية الإسبانية، أطلق بنك كاخامار (Cajamar) حملة جديدة تهدف إلى استقطاب زبناء جدد عبر عرضٍ مغرٍ يمنح مكافأة مالية قد تصل إلى 750 يورو لكل من يقوم بتوطين راتبه أو معاشه التقاعدي داخل البنك. العرض، الذي يمتد إلى 31 دجنبر 2025، يأتي في سياق سباقٍ بنكي محموم لجذب أكبر عدد من العملاء الدائمين، خصوصاً في ظل التحول المتسارع نحو الخدمات الرقمية والبحث عن سيولة مالية مستقرة.
بحسب تفاصيل العرض، تتراوح المكافآت المالية بين 300 و750 يورو بحسب قيمة الراتب أو المعاش المودع: فالموظفون الذين تتراوح أجورهم بين 1200 و1999.99 يورو سيحصلون على مكافأة بقيمة 300 يورو، بينما سيحصل أصحاب الرواتب بين 2000 و3999.99 يورو على 500 يورو، أما من يتجاوز دخلهم الشهري 4000 يورو فسيستفيدون من المكافأة القصوى البالغة 750 يورو.
لكن هذا السخاء المالي لا يخلو من الشروط الدقيقة، إذ يُلزم المستفيدين بتوطين الراتب أو المعاش في حساب البنك لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات متتالية، مع الالتزام باستخدام الحساب في المعاملات البنكية الشهرية بشكل منتظم.
إلى جانب المكافأة النقدية، يتيح البنك لزبنائه الاستفادة من فائدة سنوية تصل إلى 2.02% على الودائع التي لا تتجاوز 20 ألف يورو، مع إعفاء كامل من رسوم الصيانة، شريطة أن يكون الحساب نشطاً وتتوفر فيه إحدى الشروط المحددة: توطين راتب شهري لا يقل عن 1200 يورو أو امتلاك رصيد يتجاوز 20 ألف يورو.
أما فئة المتقاعدين، فقد خصص لها البنك امتيازات إضافية بفوائد أعلى تصل إلى 2.27% سنوياً، مع نفس سقف المكافآت المالية التي تتدرج من 300 إلى 750 يورو حسب قيمة المعاش الشهري.
ويرى محللون أن هذا النوع من العروض يعكس توجهاً جديداً في السوق البنكية الإسبانية، حيث باتت المؤسسات المالية تراهن على “التحفيز المالي المباشر” لاستقطاب العملاء في ظل الركود الاقتصادي وارتفاع كلفة المعيشة. فبدلاً من التركيز على القروض أو الحسابات الادخارية الكلاسيكية، تسعى البنوك إلى بناء علاقة طويلة الأمد مع الزبون عبر إغراءات نقدية فورية.
لكن بعض الخبراء يحذرون من “الوجه الآخر” لهذه العروض، إذ يمكن أن تتحول المكافأة إلى فخ بنكي مقنّع، يجبر الزبون على الالتزام بعقد طويل المدى يصعب فسخه دون خسائر أو غرامات، خصوصاً إذا قرر نقل راتبه إلى بنك آخر قبل انتهاء مدة الالتزام.
بالنسبة لآلاف المغاربة المقيمين بإسبانيا، يمثل هذا العرض فرصة مزدوجة: من جهة، يتيح لهم تحسين تعاملهم البنكي والحصول على مكافأة مالية معتبرة، ومن جهة أخرى يفرض عليهم قراءة الشروط بعينٍ يقظة لتفادي أي التزامات طويلة الأمد قد تُقيد حركتهم المالية.
عدد من أفراد الجالية المغربية اعتادوا التعامل مع مؤسسات مثل “كاخامار” و“كايكسا بنك” و“سانتاندير”، خصوصاً لتسهيل تحويلاتهم نحو المغرب أو تسديد فواتيرهم الشهرية. لذلك، فإن هذا العرض الجديد قد يشكل عنصراً محفزاً لهم لتوطين رواتبهم في البنك الإسباني، شرط أن يكون الوعي المالي حاضرًا والاختيار مبنيًّا على الفهم لا على الإغراء.
تُظهر هذه المبادرة كيف تحاول البنوك الأوروبية، في زمن الركود والتضخم، شراء ثقة الزبون نقداً، في سلوك اقتصادي يعكس تحوّل العلاقة بين البنك والمواطن من علاقة “خدمات” إلى علاقة “مكافأة”.
لكن بين الإغراء المالي والتزام العقود الطويلة، تبقى الحكمة في أن “يقرأ الزبون السطر الصغير قبل التوقيع”، لأن ما يبدو مكافأة اليوم قد يتحول غداً إلى قيدٍ غير مرئي.











