تشهد جهة طنجة-تطوان-الحسيمة طفرة سكانية لافتة جعلتها من أكثر الجهات استقطابا للهجرة الداخلية في المغرب، وفق بيانات الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط. فقد استقبلت الجهة الشمالية نحو 559 ألف نسمة من مواليد جهات أخرى، أي ما يعادل 10.2 في المائة من إجمالي المهاجرين الداخليين، لتصبح إلى جانب الدار البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة، من أبرز الأقاليم الجاذبة للحركية السكانية.
ويُعزى هذا النمو الديموغرافي المتصاعد إلى الطفرة الاقتصادية والبنيات التحتية المتقدمة التي عرفتها الجهة خلال العقدين الأخيرين، إذ تحولت إلى مركز صناعي ولوجستي محوري بفضل ميناء طنجة المتوسط والمناطق الصناعية المرتبطة بصناعة السيارات والطيران والنسيج. كما ساهمت الشبكة المتطورة من الطرق والمطارات والنقل الحضري في تعزيز جاذبية مدنها الكبرى، مثل طنجة وتطوان والمضيق، وجعلها فضاء أكثر استيعابا وتحسينا لجودة الحياة.
وفي المقابل، كشفت المعطيات عن خسائر ديموغرافية مقلقة في جهات أخرى، خصوصا فاس-مكناس التي فقدت أكثر من نصف مواليدها لصالح جهات الشمال، ما يعكس خللا بنيويا في توزيع الفرص الاقتصادية والتنموية. ومع تحقيق الجهة الشمالية لرصيد إيجابي صافٍ بلغ أكثر من 138 ألف نسمة خلال عقد واحد، تبرز الحاجة إلى رؤية جهوية متكاملة تراعي التوازن الترابي وتستبق الضغوط المتزايدة على السكن والخدمات العمومية، بما يضمن توزيعاً أكثر عدلاً للموارد ويعزز الانسجام المجالي داخل المملكة.
28/10/2025











