رغم التصريحات الرسمية للحكومة الإسبانية بأن الجمارك التجارية بين سبتة ومليلية المحتلتين والمغرب تعمل، تكشف الوقائع اليومية أن الأمور أكثر تعقيداً. فالجمارك موجودة، لكنها تعمل وفق قواعد مزدوجة ومعقدة، ما يجعل استفادة القطاعات المختلفة متباينة، ويطرح علامات استفهام حول جدوى هذه التجارة بالنسبة للمغربيين.
في حالة سبتة المحتلة، استحوذت واردات الرمل على النصيب الأكبر، حيث تجاوزت 738 طناً، بينما لم تتجاوز الصادرات سوى 88 كيلوغراماً فقط. هذا التفاوت الصارخ يوضح أن الجمارك تعمل لصالح بعض القطاعات فقط، بينما يبقى تأثيرها على الاقتصاد المحلي المغربي محدوداً، ولا تعكس أي عدالة تجارية.
أما مليلية المحتلة، فالوضع أقل نشاطاً، مع واردات تصل إلى 29 طناً وصادرات 4.8 طناً فقط، وهو ما يبرز الفارق الكبير بين المدينتين المحتلتين، ويؤكد قدرة المغرب على ضبط تدفقات البضائع وفق مصالحه الوطنية والاقتصادية، في مواجهة سياسات إسبانية تحاول التحكم في التجارة عبر الجمارك.
الحكومة الإسبانية ذكرت أن عدد التصاريح باستخدام وسيلة نقل واحدة بلغ 9 للتصدير و125 للاستيراد، لكنها لم تفصح عن عدد الطلبات المرفوضة أو المحدودة، مبررة ذلك بتعدد الحالات المعقدة، مثل رفض بعض العمليات مبدئياً ثم قبولها بعد تعديل الشاحنات أو البنود الجمركية، أو انسحاب المشغلين بسبب التأخيرات والإجراءات البيروقراطية الطويلة.
غياب الشفافية هذا يطرح أسئلة جدية حول فعالية الجمارك التجارية، ومدى قدرتها على خدمة التجارة الحرة أو دعم القطاعات المحلية في المغرب. فالواقع يقول إن الجمارك تعمل، لكنها تعمل حسب قواعد متغيرة ومتقلبة، وتترك مساحة واسعة للتحكم والانتقاء، ما يجعلها أداة سياسية واقتصادية بامتياز، تتحكم في مصالح المغرب والمواطنين المغاربة من بعيد.
28/10/2025











