في سياق سياسي دقيق تعيشه مدغشقر عقب التطورات الأخيرة التي أدخلت البلاد مرحلة انتقالية غير واضحة، قام السفير المالغاشي بالمغرب، جوهاري هويلا راجوبسون، بزيارة إلى مدينة الناظور، التي حل بها أمس الإثنين، حملت في طياتها بعداً دبلوماسياً وإنسانياً يعكس متانة العلاقات بين البلدين ورغبة الجانبين في الحفاظ على زخم التعاون الإفريقي المشترك.
ورغم الظروف السياسية المضطربة في أنتاناناريفو، حملت الزيارة رسالة استمرارية واضحة، مفادها أن الدبلوماسية المالغاشية ماضية في تعزيز الشراكات الاستراتيجية، وفي مقدمتها التعاون مع المغرب، الذي يُنظر إليه في مدغشقر كنموذج للاستقرار والتنمية المتوازنة في القارة الإفريقية.
وشكلت الزيارة مناسبة لإعادة طرح ملف مشروع “مارتشيكا مدغشقر”، الذي تم الإعلان عنه عقب الزيارة الملكية إلى مدغشقر سنة 2016، بهدف نقل التجربة المغربية الرائدة في تهيئة السواحل والمجالات البيئية إلى إفريقيا جنوب الصحراء.
وقد استهل السفير المالغاشي زيارته للناظور ، بلقاء مطول يومه الثلاثاء ، مع مديرة وكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا، خُصص لمناقشة سبل تفعيل المشروع الذي عرف تعثراً خلال السنوات الأخيرة. وتم الاتفاق على إطلاق مشاورات تقنية ودبلوماسية جديدة لتسريع تنفيذه وإعطائه دفعة جديدة.
كما قام الوفد المالغاشي بزيارة ميدانية لبحيرة مارتشيكا للاطلاع على التجربة المغربية في تحويل هذا الفضاء من منطقة مهمشة إلى نموذج بيئي وسياحي يحتذى به ( رغم التخبط الذي رافق تنفيذه ) ، في خطوة اعتُبرت رسالة ثقة في قدرة التعاون الإفريقي على تجاوز الصعوبات السياسية والتنموية.
وفي إطار توسيع مجالات التعاون، عقد السفير لقاء مع رئيس جماعة سلوان جمال حمزاوي ، تم خلاله بحث إمكانية إبرام اتفاقية توأمة مع إحدى المدن المالغاشية، لتبادل الخبرات في مجالات التخطيط الحضري والتنمية الترابية.
كما التقى بعدد من رجال الأعمال خلال اجتماع بمقر ائتلاف مستثمري شمال وشرق المغرب، حيث تمت مناقشة فرص الاستثمار المشترك في مجالات الفلاحة والطاقات المتجددة والصيد البحري والسياحة البيئية. وأكد السفير في هذا السياق التزام بلاده بالمضي في مسار التعاون الاقتصادي الإفريقي رغم الوضع السياسي الداخلي.
ولم تخلُ الزيارة من أبعاد إنسانية، إذ حرص السفير على زيارة مؤسسة الرحمة للأعمال الاجتماعية وجمعية تيسغناس التي تُعنى بمواكبة المهاجرين الأفارقة وإدماجهم في النسيج المحلي، في تجسيد عملي لروح التضامن الإفريقي التي تميّز السياسة المغربية في القارة.
ومن المرتقب أن يختتم السفير زيارته بلقاء مع رئيس جماعة الناظور، في أفق بحث فرص جديدة للتعاون الترابي وتبادل الخبرات المؤسساتية.












