تحوّل اليخت الإسباني الشهير «فورتونا»، الذي كان يوماً ما أحد أبرز رموز الرفاهية والهيبة في عهد الملك خوان كارلوس الأول، إلى قارب فاخر للإيجار السياحي بعد أن أعادت شركة بحرية خاصة ترميمه بالكامل ومنحته اسماً جديداً هو «فونيرس».
اليخت الذي كان يوماً صورةً للترف الملكي والبحر المتوسط الملوّن بأحلام الطبقة الحاكمة، أصبح اليوم واجهة تجارية مفتوحة لعامة الأثرياء، مقابل 15 ألف يورو لليوم الواحد.
أُهدي «فورتونا» إلى الملك خوان كارلوس سنة 2000 من قبل مؤسسة السياحة والثقافة في جزر البليار، كعربون امتنان على دوره في الترويج للسياحة الإسبانية. لعقدٍ من الزمن، كان القارب مرسى العائلة المالكة في أشهر الصيف، وفضاءً مغلقاً لحياةٍ تجمع بين الترف العائلي والانضباط البروتوكولي.
لكن كل ذلك تغيّر سنة 2013 حين قرّر الملك التخلي عن امتياز استخدامه بسبب ارتفاع تكاليف الصيانة التي تجاوزت الملايين سنوياً. ليُعاد لاحقاً إلى المؤسسة المانحة، ومنها إلى شركة الملاحة «باليريا» التي اقتنته مقابل 2.2 مليون يورو.
رغم مرور أكثر من عقدين على بنائه، ما يزال «فورتونا» — أو «فونيرس» في نسخته الجديدة — يحتفظ ببريقه الخاص.
تمت إعادة صباغته سنة 2023 بلون أزرق ليلي أنيق، مع المحافظة على التصميم الداخلي الأصلي الذي عاش فيه الملك خوان كارلوس وزوجته الملكة صوفيا وولي العهد فيليب السادس وزوجته ليتيسيا.
غرف النوم الخشبية الأنيقة، الصالونات الواسعة، والمطبخ الذي أعدّت فيه أشهر الولائم الملكية، كلها ما زالت شاهدة على حقبة من الخصوصية العائلية لم تعد تُرى إلا في الصور القديمة.
اليخت يمتد على 43 متراً طولاً، ويضم خمسة أجنحة خاصة يمكنها استقبال 12 ضيفاً، مع جاكوزي وشرفة شمسية تنافس أفخم اليخوت في البحر الأبيض المتوسط.
في مفارقةٍ مثيرة، استُخدم «فورتونا» مؤخراً كخلفية لتصوير برنامج تلفزيون واقع أميركي، في خطوة يرى فيها مراقبون «نهاية رمزية» لهيبة الملكية الإسبانية القديمة، وتحول رموزها إلى أدوات ترفيه استهلاكي.
فالقارب الذي كان يوماً مسرحاً لأحاديث السياسة والديبلوماسية والقرارات الملكية، بات اليوم منصة لتصوير المغامرات الترفيهية والإعلانات السياحية.
بالنسبة لكثير من الإسبان، يحمل «فورتونا» رائحة ماضٍ مترف يختلط فيه الحنين بالانتقاد؛ فقد كان رمزاً لأيام الرخاء الملكي قبل أن تلاحق العائلة المالكة الفضائح والاتهامات المالية.
أما اليوم، فيبدو أن اليخت وجد حياة جديدة تُدرّ الأرباح بدلاً من أن تستهلكها.
ومع كل رحلة بحرية جديدة تنطلق من موانئ إيبيزا أو مايوركا، يستعيد «فونيرس» مجده القديم ولكن بلغة السوق لا بلغة العرش.
إنه تحول لافت من السيادة إلى التجارة، ومن الحصرية إلى الإيجار، يعكس بدقة التحولات العميقة في صورة الملكية الإسبانية المعاصرة، التي تحاول أن توازن بين إرثها التاريخي ومتطلبات الشفافية الحديثة.
28/10/2025











