kawalisrif@hotmail.com

تفكيك شبكة تهريب كبرى بين المغرب وسبتة المحتلة.. قوارب الموت تكشف خيوط تجارة البشر في عرض المتوسط

تفكيك شبكة تهريب كبرى بين المغرب وسبتة المحتلة.. قوارب الموت تكشف خيوط تجارة البشر في عرض المتوسط

تمكنت قوات الحرس المدني الإسباني من تفكيك شبكة خطيرة متخصصة في تهريب المهاجرين من السواحل المغربية نحو مدينة سبتة المحتلة، قبل نقلهم لاحقاً إلى التراب الإسباني عبر قوارب صغيرة. وأسفرت العملية عن توقيف أحد عشر شخصاً يشتبه في انتمائهم إلى التنظيم، فيما جرى التحقيق مع شخصين آخرين، والعثور على تسعة مهاجرين غير نظاميين كانوا يستعدون لعبور مضيق جبل طارق في ظروف محفوفة بالمخاطر.

وحسب بلاغ رسمي للحرس المدني، فقد نُفذت المداهمات في عدد من الأحياء المعروفة بنشاط الشبكات السرية داخل سبتة، من بينها هادّو وهويرتا تييّز وبوبلادو سانيداد وباساخي ريكريو، حيث تم حجز معدات ولوازم بحرية تُستعمل في عمليات التهريب. وتشير التحقيقات إلى أن الشبكة كانت تعمل على جانبي الحدود المغربية الإسبانية، إذ كان عناصرها داخل المغرب يتولّون مهمة استقطاب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا، مقابل مبالغ مالية ضخمة تتراوح بين ثلاثة وخمسة آلاف يورو للفرد الواحد. وبعد عبورهم إلى سبتة بطرق غير شرعية، كان يتم إخفاؤهم في منازل آمنة في انتظار مرحلة العبور الثانية.

وتعتمد هذه المرحلة على استعمال قوارب ترفيهية صغيرة تُبحر من سبتة نحو موانئ الأندلس، حيث يتولى شركاء آخرون استقبال المهاجرين ونقلهم إلى مدن مختلفة داخل التراب الإسباني. وتشير المعطيات الأولية إلى أن هذه الشبكة قد تكون متورطة في عدد من الحوادث المأساوية التي شهدها البحر خلال الأشهر الأخيرة، بعدما فشلت بعض محاولات التهريب بسبب الأحوال الجوية وسوء تجهيز القوارب، ما أدى إلى غرق عدد من المهاجرين في مياه المتوسط.

وجاءت الاعتقالات في كل من سبتة والجزيرة الخضراء ومدينة كوين، حيث تم توقيف المتورطين بتهم تتعلق بتكوين منظمة إجرامية وتسهيل الهجرة غير النظامية، وهي تهم يعاقب عليها القانون الإسباني بعقوبات سجنية ثقيلة. وقد أكدت السلطات أن العملية جاءت بعد أشهر من التحريات والمراقبة الدقيقة لتحركات الشبكة، في تنسيق أمني بين المصالح الإسبانية ونظيرتها المغربية التي قدمت معلومات مهمة ساعدت على تحديد مواقع بعض المشتبه فيهم.

وتعيد هذه القضية إلى الواجهة إشكالية الهجرة غير النظامية التي لا تزال تمثل تحدياً إنسانياً وأمنياً بين المغرب وإسبانيا، في ظل استمرار بعض العصابات في استغلال معاناة المهاجرين لتحقيق أرباح غير مشروعة. ويؤكد خبراء مغاربة أن الحل لا يمكن أن يقتصر على المقاربة الأمنية، بل يجب أن يشمل معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع الشباب إلى ركوب قوارب الموت بحثاً عن مستقبل غامض في الضفة الأخرى.

ورغم المجهودات الكبيرة التي تبذلها الأجهزة المغربية في تفكيك شبكات التهريب وإجهاض محاولات الهجرة في مهدها، فإن الظاهرة تظل عابرة للحدود وتتطلب تعاوناً دائماً ومتكاملاً بين البلدين الجارين، مبنياً على الثقة وتبادل المعلومات. فالهجرة ليست جريمة في حد ذاتها، بل انعكاس لواقع معقد يختلط فيه الفقر بالأمل، غير أن الجريمة الحقيقية هي في تحويل آلام البشر إلى تجارة تدر الملايين. وبينما تواصل مياه المتوسط ابتلاع أحلام شباب مغاربة وأفارقة، يبقى الأمل قائماً في أن يترجم الوعي السياسي لدى الضفتين إلى عمل مشترك يضع حداً لهذه المآسي التي لم تعد تُحتمل.

29/10/2025

Related Posts