في إطار تعزيز الوعي التاريخي ودراسة النزاعات العسكرية التي شكلت معالم القرن العشرين، أعلنت جامعة UNED بمليلية عن تنظيم دورة أكاديمية تحت عنوان “بداية نهاية حرب الريف”، والتي ستُقام من 4 إلى 7 نوفمبر المقبل. الدورة تركز على تحليل إنزال الحُسيمة، الحدث الذي يعتبر نقطة تحول في التاريخ العسكري الإسباني، وتشمل جميع المهتمين بالتاريخ المعاصر والسياسة الاستعمارية ودراسة الصراعات المسلحة، مع برنامج غني يقدم مجموعة من الخبراء الوطنيين.
وتمنح الدورة، التي توفر 1 وحدة ECTS للمسجلين رسميًا، منظورًا متعدد التخصصات على إنزال 1925، يجمع بين التحليل العسكري والسياسي والاجتماعي، مع مزج الجلسات النظرية بزيارات ميدانية هامة تشمل مليلية القديمة، والمتحف العسكري، وكهوف Conventico، التي كانت مسرحًا لتاريخ الجيش الإسباني في شمال إفريقيا.
يفتتح البرنامج يوم الثلاثاء 4 نوفمبر بالجلسة الأولى تحت عنوان “التحضيرات والتنفيذ”، حيث يستعرض أدولفو موراليس ترويبيا من المعهد الجامعي General Gutiérrez Mellado، الخطط اللوجستية والتكتيكية للإنزال. ويلي ذلك تحليل دور عمود سارّو على يد الباحثة ماريا غاخاتي، ثم تدخل المؤرخ العسكري سانتياغو دومينغيز يوسا لعرض الاستراتيجية الإسبانية على جزيرة الحُسيمات، فيما تختتم الدكتورة كارمن مارشانت موراليخو اليوم بمحاضرة حول حملة ربيع 1926.
أما يوم الأربعاء، فقد خصص للجانب السياسي والعسكري تحت عنوان “السياسة الاستعمارية والعسكرية”، حيث تشرح سوسانا سويرو سيواني من UNED القرارات السياسية لنظام بريمو دي ريفيرا وأثرها على التخطيط العسكري، قبل أن يقدم رامون دياز ريوخا تحليلاً لكيفية تحويل الإحباط العسكري إلى نصر استعماري، ويختتم فرناندو بويل دي لا فيلا اليوم بعرض إيجابيات وسلبيات الجيش الإسباني في عام 1925.
ويتناول يوم الخميس وجهات نظر مكملة، بدءًا بدور القوات المحلية في العملية عبر محاضرة إنريكي أفيلّا بيريز، مرورًا برؤية الإنزال من منظور مغربي مع الباحثة روث فيلاسكو دي كاسترو، وتحليل استخدام الأوسمة العسكرية في الحملات المغربية مع فرانسيسكو خافيير هرنانديز، وختامًا بمحاضرة جوزفينا مارتينيز حول العلاقة بين الإعلام والنزاعات المسلحة.
ويُختتم البرنامج يوم الجمعة 7 نوفمبر بجلسة عن العواقب والتأثيرات الدولية للإنزال، حيث يسلط غويليرمو م. مونييز الضوء على الاستفادة الرمزية من النصر خلال حكم ألفونسو الثالث عشر، فيما يعرض فرانسيسكو بالادو عملية مؤسساتية النظام بعد النصر العسكري، ويستعرض الملازم الاحتياطي خوسيه ميغيل كويسادا غونزاليس أثر الإنزال على العقيدة العسكرية لمشاة البحرية الأمريكية وتطبيقها لاحقًا في الحرب العالمية الثانية.
الدورة ستُدار بإشراف جوزفينا مارتينيز، إنريكي أفيلّا وفرانسيسكو بالادو، مع فتح باب النقاش لجميع المشاركين بعد كل جلسة، وهو ما يعكس التزام UNED مليلية بدورها كمركز للنشر الأكاديمي وفضاء للتفكير والتحليل حول الماضي القريب، مع الحرص على الجمع بين الصرامة العلمية وسهولة الوصول للجمهور العام.
إن تنظيم مثل هذه الدورات التاريخية في مليلية المحتلة لا يقتصر على إعادة قراءة أحداث الماضي، بل يتيح فرصة للمغاربة لإعادة التفكير في إرث الاستعمار وأثره على المنطقة المغاربية. إن إنزال الحُسيمة رغم كونه نقطة فاصلة في التاريخ العسكري الإسباني، يظل جزءًا من تجربة استعمارية تركت بصماتها على المجتمع، الأرض والسياسة في شمال إفريقيا. من خلال التمعن في هذه الحقائق، يمكن للجمهور المغربي إدراك مدى تعقيد العلاقة بين التاريخ والاستعمار والذاكرة الجماعية، وفهم الدروس المستفادة لتفادي تكرار أخطاء الماضي وتعزيز الهوية الوطنية والوعي التاريخي في مواجهة تحديات الحاضر.
29/10/2025











