kawalisrif@hotmail.com

ست سنوات لموظف بالقنصلية الإسبانية … الغرفة الإبتدائية باستئنافية بالناظور تدين 14 متهما في ملف تزوير “التأشيرات”

ست سنوات لموظف بالقنصلية الإسبانية … الغرفة الإبتدائية باستئنافية بالناظور تدين 14 متهما في ملف تزوير “التأشيرات”

في مشهدٍ أقرب إلى أفلام الجريمة المنظمة، أُسدِل الستار منتصف ليلة أمس الأربعاء/الخميس عن واحدة من أخطر قضايا التزوير والاتجار في التأشيرات بالناظور ، بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الابتدائية التابعة لاستئنافية الناظور أحكامًا تراوحت بين أربعة أشهر وست سنوات نافذة في حق أربعة عشرة متورطًا، من بينهم سماسرة، وأصحاب وكالات لإعداد ملفات الهجرة، وموظف بالقنصلية الإسبانية، وُصف بدوره المحوري في تمرير الملفات المزورة.

وهكذا قضت المحكمة بـ 6 سنوات حبسًا وغرامة قدرها مليونا سنتيم في حق كل من منتصر (صاحب وكالة بازغنغان) وعبد الصمد بنصالح وسعيد بوحسون وإبراهيم البشيري الذين يديرون وكالات لإنجاز ملفات التأشيرات، إضافة إلى الموظف القنصلي السابق ذكره إسماعيل أجواو ،  فيما أدين المسمى القوضاضي بـ 5 سنوات.

كما حُكم على كمال حنيني، الموظف البنكي، بـ 4 سنوات، وعلى كل من محمد جاري (وسيط) وعبد العزيز عزوزي ورضوان فنكوش وزكرياء النكتاشي بـ 3 سنوات لكل واحد.

أما باقي المتهمين فحُكم عليهم بـ 5 أشهر، في حين أدين مستخدم ومستخدمة بإحدى الوكالات بـ 4 أشهر.

وتعود خيوط الفضيحة إلى مراسلتين رسميتين من السفارتين الإسبانية والهولندية بالرباط، نبهتا فيهما السلطات المغربية إلى ارتفاع عدد الملفات المشبوهة المقدمة عبر وكالة معينة بالناظور، تتضمن توقيعات مزورة وكشوفات بنكية وهمية.

على إثر ذلك، أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق سري، تولته الشرطة القضائية على مدى أسبوعين، انتهى باعتقال مسؤولين في شركة خاصة بإعداد ملفات تأشيرات “شنغن”، قبل أن تتسع دائرة التحقيق لتشمل مسؤولة إدارية ومنعشًا سياحيًا معروفًا بالمنطقة، يُشتبه في أنه كان يزود الشبكة بأسماء “زبناء” راغبين في السفر بأي ثمن.

ووفق مصدر قضائي، فإن أكثر من 120 تأشيرة «شينغن» يُعتقد أنها منحت استنادًا إلى وثائق مزيفة، من بينها حسابات بنكية مفبركة وشهادات عمل مختلقة، في عمليات مالية تجاوزت قيمتها ثمانية ملايين درهم.

أمام خطورة الملف، شددت النيابة العامة على أن القضية لا تتعلق بمجرد تزوير إداري، بل بشبكة منظمة تحمل أبعادًا أمنية خطيرة، خاصة بعد ورود معطيات ترجّح استغلال بعض هذه التأشيرات لتسهيل خروج “مجاهدين” من مدن الريف والشمال نحو أوروبا، ومنها إلى بؤر توتر معروفة.

وخلال جلسات المحاكمة، حاول الدفاع التقليل من مسؤولية بعض المتهمين، معتبراً أنهم مجرد أدوات داخل منظومة فساد متجذّرة، غير أن المحكمة اعتبرت الشبكة منظمة بشكل دقيق، تجمع بين التزوير البنكي والإداري واستغلال النفوذ داخل التمثيليات الأجنبية.

القضية أماطت اللثام عن جانب مظلم من التعاون القنصلي الإسباني بالمغرب، حيث لم يعد الفساد مقتصرًا على الوسطاء المحليين، بل تسلل إلى داخل المكاتب الدبلوماسية نفسها، في انتهاك صريح لثقة المواطن المغربي ومبدأ السيادة القانونية.

مصادر موثوقة تحدّثت عن وجود “لوبي صامت” يربط موظفين قنصليين بوسطاء مغاربة، يجنون أموالًا طائلة من الراغبين في “الحلم الأوروبي”، مقابل وعود “غير رسمية” بتسريع حصولهم على التأشيرة.

وفي انتظار صدور الأحكام النهائية، يظل السؤال معلقًا: هل ستفتح مدريد تحقيقًا داخليًا في تورط موظفها الدبلوماسي؟ أم ستغض الطرف كما فعلت في قضايا سابقة مشابهة؟

هذه القضية ليست مجرد ملف جنائي، بل مرآة تعكس خللًا مزدوجًا؛ فمن جهة تُظهر ضعف الرقابة على وكالات إعداد ملفات الهجرة المنتشرة في المدن الحدودية، ومن جهة أخرى تفضح ازدواجية الخطاب الإسباني الذي لا يتردد في اتهام المغرب بالتقصير في مراقبة الهجرة، بينما يتغاضى عن الفساد المستشري في بعض قنصلياته.

لقد تحولت “الفيزا” إلى تجارة مربحة تبيع الوهم للمغاربة باسم الحلم الأوروبي، وتغذّي في المقابل شبكات تزوير عابرة للحدود.

ويبقى الشباب المغربي هو الضحية الدائمة، بين رغبة في الهجرة بأي ثمن، وواقع يفتح الباب لسماسرة لا يعرفون سوى لغة المال.

 

30/10/2025

Related Posts