kawalisrif@hotmail.com

الشرطة الإسبانية تشيد بالتعاون الأمني “الذهبي” مع المغرب بعد حجز 50 طنًا من الحشيش خلال أربعة أشهر

الشرطة الإسبانية تشيد بالتعاون الأمني “الذهبي” مع المغرب بعد حجز 50 طنًا من الحشيش خلال أربعة أشهر

في خطوة جديدة تؤكد صلابة الشراكة الأمنية بين الرباط ومدريد، أعلنت الشرطة الوطنية الإسبانية عن مصادرة أكثر من 50 طنًا من الحشيش خلال الأشهر الأربعة الماضية، في عمليات منسّقة مع الأجهزة الأمنية المغربية، استهدفت شبكات تهريب دولية تنشط بين شمال المغرب وجنوب إسبانيا.

وخلال مؤتمر صحفي في مدريد، وصف خوسيه فرانسيسكو بوديو، رئيس قسم مكافحة المخدرات في الشرطة الإسبانية، المرحلة الحالية بأنها “لحظة ذهبية في التعاون الأمني”، مشيرًا إلى أن تبادل المعلومات مع المغرب أصبح “مستمرًا وفعّالًا”، ومكّن من تنفيذ عمليات نوعية ناجحة، أفضت إلى تفكيك شبكات خطيرة كانت تتخذ من سواحل البحر الأبيض المتوسط مسارًا رئيسيًا لتهريب المخدرات نحو أوروبا.

من بين أبرز هذه العمليات، حجز 20 طنًا من الحشيش في شاحنتين تم اعتراضهما في قادس وغرناطة، كانت محملة بشحنات فلفل تمويهية. كما تم خلال شهر شتنبر الماضي حجز 11 طنًا في مالقة والجزيرة الخضراء داخل حاويات من الفواكه والمفروشات، إلى جانب تفكيك شبكة في ألميريا في يوليوز، حيث تم العثور على 15 طنًا من الحشيش وسط شحنة من البطيخ قادمة من شمال المغرب.

تُقدّر قيمة الكيلوغرام الواحد من الحشيش في السوق الإسبانية بنحو 1.800 يورو، أي أن الكمية المحجوزة كانت ستدرّ ما يفوق 90 مليون يورو لصالح شبكات التهريب.
ويرى خبراء الاقتصاد أن هذه الأرقام تكشف حجم الاقتصاد الموازي الذي تغذيه تجارة المخدرات، وما تمثله من خطر على الأمن المالي والاجتماعي في إسبانيا والمغرب على حد سواء.

المسؤولون الإسبان شددوا على أن هذه النجاحات لم تكن لتتحقق لولا التنسيق الوثيق مع المديرية العامة للأمن الوطني المغربي والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST)، اللتين لعبتا دورًا محوريًا في تتبّع خيوط التهريب من منبعها.

وأكد ريكاردو رانز، رئيس وحدة GRECO بالأندلس، أن التعاون بين الطرفين “لم يعد ظرفيًا بل أصبح مؤسساتيًا ومنتظمًا”، مشيرًا إلى أن الاجتماعات المشتركة وتبادل قواعد البيانات الاستخباراتية “تختصر الطريق بين إنذار أولي واعتقال فعلي في أقل من 24 ساعة”.

في الجانب المغربي، تعتبر هذه النجاحات جزءًا من مقاربة أمنية تنموية تعتمدها الدولة في أقاليم الشمال، خصوصًا في الريف وتطوان والعرائش والناظور.

فالمغرب يدرك أن مكافحة التهريب لا تكتمل دون خلق بدائل اقتصادية للشباب، وتوسيع فرص التشغيل في مجالات الفلاحة والصيد البحري واللوجستيك.

ويرى متتبعون أن خنق اقتصاد المخدرات يوازي في أهميته تشجيع الاقتصاد الشرعي في المناطق الحدودية التي كانت إلى وقت قريب حاضنة لشبكات التهريب الصغيرة.

يشكل هذا التعاون ركيزة أساسية في العلاقات الثنائية، خصوصًا بعد مرحلة التوتر التي عرفتها العلاقات بين الرباط ومدريد عام 2021.

فالتقارب الأمني الحالي يعكس إرادة سياسية لدى الحكومتين لتجاوز الخلافات وبناء علاقة جديدة قوامها الثقة والمسؤولية المشتركة.

ويؤكد محللون أوروبيون أن نجاح المغرب في كبح شبكات التهريب جعله “شريكًا لا يمكن الاستغناء عنه في أمن جنوب أوروبا”.

لم يعد المغرب يُنظر إليه كبلد عبور للمخدرات، بل كفاعل أساسي في الحرب الدولية ضد الجريمة المنظمة.
فمن خلال سياسة أمنية استباقية، واستثمار في التكنولوجيا والمراقبة الحدودية، أثبتت الرباط قدرتها على تحويل التحديات الأمنية إلى فرص للتعاون الدولي.

التعاون المغربي الإسباني في مكافحة المخدرات لم يعد مجرد ملف أمني، بل أصبح رسالة سياسية قوية تؤكد أن الأمن الإقليمي لا يتحقق بالأسوار ولا بالاتهامات، بل بالثقة والعمل المشترك.

وفي زمن تتصاعد فيه الخطابات الشعبوية في أوروبا ضد الهجرة والمغرب، تبرز هذه الشراكة كبرهان على أن الأمن الحقيقي يُبنى على التعاون لا على العداء، وأن مستقبل الضفتين مرهون بتعزيز جسور الثقة لا بقطعها.

30/10/2025

Related Posts