kawalisrif@hotmail.com

هولندا :   روب يِتِن يعيد حزب D66 التقدمي إلى الصدارة في الانتخابات التشريعية بشعار “الشجاعة الجديدة”

هولندا : روب يِتِن يعيد حزب D66 التقدمي إلى الصدارة في الانتخابات التشريعية بشعار “الشجاعة الجديدة”

في مشهد سياسي متوتر يختصر أزمات أوروبا الحديثة، شهدت هولندا انتخابات 2025 سباقًا انتخابيًا هو الأشد تقاربًا منذ سبعين عامًا، إذ تعادل حزبا D66 وPVV بزعامة روب يِتِن وخيرت فيلدرز في عدد المقاعد (26 مقعدًا لكل حزب)، مع فارق لا يتجاوز 2000 صوت لصالح الحزب الليبرالي التقدمي D66.

هذا التعادل غير المسبوق بين حزب وسطي يؤمن بالإصلاح والانفتاح، وحزب يميني متشدد يعادي الهجرة والإسلام، يعكس الاستقطاب العميق في المجتمع الهولندي بين تيارين: أحدهما يدعو إلى “شجاعة جديدة”، والآخر يراهن على “الخوف القديم”.

في مقابلة مع صحيفة Dutch News، قدّم روب يِتِن، البالغ من العمر 38 عامًا، رؤية سياسية جريئة تقوم على إحياء روح الإصلاح بعد سنوات من الجمود الحكومي.
ويقول: “الهولنديون يشعرون بأن حياتهم متوقفة. علينا أن نعيد إليهم الأمل من خلال قرارات شجاعة، لا عبر حسابات سياسية صغيرة.”

أبرز اقتراحاته تمثل في مشروع وطني ضخم لبناء عشر مدن جديدة لمواجهة أزمة السكن التي تضرب البلاد منذ أكثر من عقد. ويدعو إلى استصلاح أراضٍ جديدة من بحر Markermeer قرب أمستردام، وتحويلها إلى مدن خضراء متصلة جيدًا بالنقل العام، تحتوي على مدارس حديثة وفرص عمل مبتكرة.

ويضيف يِتِن: “زيادة عدد الشقق هنا وهناك ليست حلاً. نحتاج إلى رؤية تعيد توزيع النمو عبر كل مناطق هولندا.”

على عكس منافسه فيلدرز، يرفض يِتِن تحويل الهجرة إلى شعار انتخابي قائم على الخوف، ويقترح سياسة لجوء واقعية وإنسانية تقوم على الدمج السريع بدل العزل، وتشمل: إلزام طالبي اللجوء بتعلّم اللغة الهولندية منذ اليوم الأول،

ويؤكد أن أزمة السكن ليست بسبب اللاجئين كما يروّج اليمين، بل نتيجة سنوات من ضعف التخطيط والبناء البطيء. كما يدعو إلى إنهاء الاعتماد على العمالة الرخيصة القادمة من أوروبا الشرقية، مقابل سياسات جذب الكفاءات العالية في مجالات التكنولوجيا والابتكار.

فوز D66 ، ولو بفارق رمزي يمثل عودة التيار الوسطي التقدمي إلى قلب الساحة السياسية الهولندية بعد سنوات من صعود الشعبوية. وقد اعتبرت الصحف الهولندية النتيجة “انتصارًا للعقلانية على الفوضى”، خصوصًا بعد أن أعلنت معظم الأحزاب رفضها التعاون مع PVV في أي ائتلاف حكومي.

نسبة المشاركة المرتفعة (78.4٪) تُظهر أن الهولنديين لم يفقدوا الثقة في الديمقراطية، رغم الانقسام. لكن الطريق نحو تشكيل حكومة مستقرة لا يزال معقدًا، في انتظار انتهاء فرز الأصوات في مدن كبرى مثل أمستردام وهيلموند وفينراي.

تبرز التجربة الهولندية نموذجًا مهمًا في كيفية تحويل الأزمات إلى فرص للنقاش العمومي البنّاء بدل الانقسام.

فأزمة السكن في هولندا، مثل نظيرتها في مدن مغربية كبرى، تكشف أن الحلول التقنية وحدها لا تكفي دون رؤية سياسية شجاعة توازن بين التخطيط العمراني والعدالة الاجتماعية.

كما أن طريقة تناول قضية اللجوء تذكّرنا بأن الرهان الحقيقي ليس في غلق الحدود، بل في إدارة التنوع والاندماج.م حد وبين “الشجاعة الجديدة” التي يدعو إليها يِتِن، و”الخوف القديم” الذي يعبّر عنه اليمين المتشدد، ترسم هولندا ملامح معركة أوروبية أوسع حول مستقبل التعايش والإنصاف الاجتماعي.

لم تكن نتائج انتخابات هولندا 2025 حدثًا داخليًا فحسب، بل حملت أصداءها بقوة إلى الجالية المغربية التي تُعد من أقدم وأكبر الجاليات غير الأوروبية في البلاد. فالتقارب الشديد بين حزبي D66 التقدمي وPVV اليميني المتشدد – بفارق لا يتجاوز 2000 صوت – جعل مغاربة هولندا يعيشون بين الأمل والحذر: أمل في رؤية بلدهم الثاني أكثر انفتاحًا وإنصافًا، وحذر من عودة خطاب الكراهية الذي كثيرًا ما استهدفهم

على المدى البعيد، ستؤثر نتائج هذه الانتخابات على العلاقات المغربية–الهولندية في ملفات متعددة، من بينها التعاون الأمني ومراقبة الهجرة واتفاقيات التعليم والثقافة.

ويُتوقّع أن تستثمر الرباط فوز التيار الوسطي لتعزيز الحوار حول قضايا الجالية وحقوقها الاجتماعية، خاصة في ضوء الدينامية الجديدة التي يشهدها مجلس الجالية بالخارج وسياسات المغرب تجاه كفاءاته في أوروبا.

30/10/2025

Related Posts