أصدرت الغرفة السادسة التابعة للمحكمة الإقليمية في قادس (فرع سبتة السليبة) حكمًا يقضي بسجن رجل لمدة 6 سنوات و9 أشهر بعد أن أوقفته عناصر الحرس المدني الإسباني متلبسًا أثناء نزوله من باخرة قادمة من ميناء الجزيرة الخضراء، وبحوزته قرابة 2 كيلوغرام من الكوكايين عالي النقاوة كانت موجهة وفق التحقيق نحو المدينة المحتلة سبتة والمغرب.
ورغم أن المتهم اعترف بالمنسوب إليه، فقد حاول الدفاع التخفيف من العقوبة عبر التأكيد على أنه مدمن على الكوكايين منذ سنوات، غير أن المحكمة لم تقتنع بوجود اضطراب عقلي يبرر التخفيف، مكتفية فقط باعتبار إدمانه ظرفًا مخففًا جزئيًا.
كما فرضت المحكمة عليه غرامة مالية قدرها 150 ألف يورو، مع تحمل مسؤولية شخصية في حال عدم الدفع.
تعود الواقعة إلى 13 مارس 2025، حين أوقفت دورية للحرس المدني الإسباني المتهم في ميناء سبتة بعد الاشتباه في سيارته من نوع نيسان قاشقاي. وبعد تفتيش دقيق، تم العثور داخل الكونسول المركزي بالقرب من فرامل اليد على خمسة قوالب من الكوكايين بلغ وزنها الإجمالي نحو 1.9 كيلوغرام، بنسبة نقاوة فاقت 88%، وقيمة سوقية تجاوزت 73 ألف يورو.
وخلال الاستجواب، أقر المتهم بأنه يمر بفترة مالية صعبة وأنه كان ينوي بيع المخدرات لتسديد ديونه، دون أن يوضح مصدر الأموال التي استعملها لشراء الكمية المضبوطة.
تبيّن من سجل المتهم أنه سبق أن أُدين في سنة 2024 في قضية مماثلة تتعلق بالاتجار بالمخدرات، ما جعل المحكمة تعتبر حالته عودة للجريمة وتدرجًا خطيرًا في النشاط الإجرامي.
كما لاحظ القضاة أن الكمية المضبوطة تفوق بثلاث مرات الحد الأدنى الذي يُعتبر ذا أهمية بالغة قانونيًا، وهو ما يثبت أنه لم يكن مجرد مستهلك، بل ناقل محترف ضمن شبكة تهريب، يُرجّح أنها تمتد نحو المغرب الذي يشكّل السوق النهائي للسلع الكوكايينية القادمة من أمريكا اللاتينية عبر الموانئ الإسبانية.
هذه القضية ليست سوى نموذج من عشرات القضايا المشابهة التي تشهدها مدينتا سبتة ومليلية المحتلتان، اللتان أصبحتا في السنوات الأخيرة ممرًا مفضلاً لشبكات تهريب الكوكايين نحو شمال المغرب، مستفيدين من الثغرات الأمنية في الحدود والازدواجية القانونية بين المدينتين والمملكة.
ويلاحظ المراقبون في المغرب أن السلطات الإسبانية غالبًا ما تقدم المتهمين كضحايا للإدمان أو كحالات فردية، في حين تتفادى الخوض في شبكات التهريب المنظمة المرتبطة بعناصر أمنية أو بحرية داخل التراب الإسباني.
فبينما تواصل الشرطة المغربية تفكيك شبكات تهريب الحشيش نحو أوروبا، تبدو إسبانيا في المقابل عاجزة عن وقف تدفق الكوكايين إلى شمال إفريقيا، ما يكرّس ازدواجية المعايير في الخطاب الأمني الإسباني.
القضية تكشف وجهًا آخر من التناقض الإسباني في ملف المخدرات — دولة تُدين شابًا بست سنوات بسبب حمله كوكايين، بينما تتغاضى عن مسالك التهريب الكبرى التي تمر من موانئها نحو الجنوب.
ويبقى السؤال: من يحاكم الكبار؟











