kawalisrif@hotmail.com

مليلية المحتلة: لجنة المساجد تعتمد نظاماً جديداً لتوزيع الدعم الثقافي عبر فيدرالية موحدة

مليلية المحتلة: لجنة المساجد تعتمد نظاماً جديداً لتوزيع الدعم الثقافي عبر فيدرالية موحدة

في خطوة وُصفت بأنها محاولة لتوحيد الخطاب الديني وتنظيم إدارة الدعم العمومي الموجّه للمساجد، قرّر المجلس الاستشاري للجنة الإسلامية بمليلية (CIM) بالإجماع، خلال اجتماعه المنعقد يوم 23 أكتوبر الجاري، أن تُمرّر جميع المساعدات المالية المقدّمة من قسم الثقافة والتراث في الحكومة المحلية للثغر المحتل عبر الفيدرالية التي تمثل المساجد رسمياً أمام اللجنة الإسلامية.

الاجتماع، الذي شارك فيه ممثلو 12 من أصل 14 مسجداً منضوية تحت لواء اللجنة، أسفر عن قرار يُلزم بأن تمرّ كافة أشكال الدعم المادي المخصّص لصيانة وتجهيز أماكن العبادة عبر الهيئة الفيدرالية، باعتبارها الجهة الوحيدة المعترف بها لتدبير هذه الملفات.

وذكّرت اللجنة الإسلامية بأنّ هذا النظام ليس جديداً بالكامل، إذ سبق أن أقرّ في عام 2021 بهدف ضبط صرف الدعم العمومي وضمان توجيهه فعلاً لصيانة المساجد التي لا تتوفر جميعها على صفة قانونية كـ”جمعيات دينية مسجلة”. وبذلك، تحتفظ اللجنة بدور الرقابة والإشراف على عمليات الإصلاح والتجهيز لضمان الشفافية والمساءلة.

وفي بيان رسمي، أكدت اللجنة أن الخطوة تأتي لـ”تعزيز وحدة الصفّ” داخل المكوّن الإسلامي بمليلية، معتبرة أن الفيدرالية الجديدة ستكون “المخاطب الشرعي والوحيد” أمام السلطات الإسبانية. كما شددت على ضرورة الحفاظ على “صوت موحد وممثل” أمام الإدارات المحلية والمركزية، لا سيما في الملفات المتعلقة بالمساعدات الثقافية وصيانة أماكن العبادة.

من جهتها، عبّرت المساجد الأعضاء عن دعمها للقرار، مشيرة إلى أنه يهدف إلى “ضمان إدارة منسقة وشفافة” للمساعدات العمومية التي تقدمها الحكومة المحلية في المدينة المحتلة.

القرار، رغم طابعه الإداري، يُخفي خلفه أبعاداً سياسية وثقافية حساسة تتجاوز حدود مليلية.
فمنذ سنوات، تسعى السلطات الإسبانية في المدينتين المحتلتين – سبتة ومليلية – إلى إعادة هيكلة المشهد الديني الإسلامي في محاولة لإحكام السيطرة على الخطاب داخل المساجد، خصوصاً بعد تصاعد النقاش حول الهوية والانتماء.

ويرى مراقبون مغاربة أن هذه الخطوة تأتي في سياق تضييق ممنهج على استقلالية الأطر الدينية ذات الأصل المغربي، واستبدالها بكيانات منضبطة للسلطات المحلية الإسبانية تحت غطاء “التنظيم والشفافية”.

فبينما يُقدَّم القرار رسمياً باعتباره تعزيزاً للوحدة، يرى كثير من أبناء المغاربة القاطنيين في الثغر المحتل أنه يُحوّل المساجد إلى مؤسسات خاضعة للمراقبة السياسية أكثر من كونها فضاءات للعبادة والتعليم الديني الحر.

وتُعتبر اللجنة الإسلامية بمليلية واجهة حساسة في علاقة السلطات الإسبانية بالمكوّن المغربي، حيث تشكّل المساجد إحدى الركائز الأساسية للحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للمغاربة المقيمين بالمدينة المحتلة.

إنّ هذا التطور يسلّط الضوء على واقعٍ يعيشه المغاربة في الثغور المحتلة، حيث يُعاد تشكيل الهوية الدينية والثقافية وفق معايير “الضبط السياسي” لا وفق متطلبات الانتماء الوطني أو الروحي.
وفي وقتٍ تحاول فيه مدريد ترسيخ نموذج “إسلام مُمأسس ومراقَب”، يبقى السؤال مفتوحاً: هل يمكن فعلاً تنظيم الإسلام دون المساس بروحه؟ أم أنّ المساجد في مليلية السليبة أصبحت أداة أخرى في لعبة النفوذ بين الرباط ومدريد؟

31/10/2025

Related Posts