في سياق يزداد فيه الوعي بالتحديات المناخية، تحتضن مناطق الريف المغربي، ومن ضمنها ضواحي إقليم الحسيمة، زيارة نوعية لمجموعة من المتطوعين والخبراء الهولنديين. هذه المبادرة، التي تدخل أسبوعها الثاني، تمثل نموذجاً للتعاون الدولي الهادف إلى تعزيز الزراعة المستدامة ومواجهة آثار التغيرات المناخية في المناطق الجبلية الوعرة.
تركز الزيارة على الضيعات الإيكولوجية النموذجية التي أقامتها جمعية “بيرما ريف للزراعة المستدامة” بشراكة استراتيجية مع مؤسسة “ريفوريست” الهولندية، وبدعم من منظمة الأوز البري الهولندية. وتستهدف هذه الشراكة تقييم وتطوير تقنيات التكيف مع النظام البيئي المحلي المتسم بندرة المياه والتضاريس الصعبة.
نقطة محورية: تم إيلاء اهتمام خاص لأساليب جمع مياه الأمطار، كأحد الحلول الحاسمة لمواجهة الجفاف الهيكلي الذي تعاني منه المنطقة، مما يؤكد على أهمية الإدارة المحكمة للموارد المائية.
شهد الأسبوع الثاني من الزيارة انضمام خبراء مغاربة متخصصين في الزراعة العضوية، مما أتاح منصة غنية لتبادل المعرفة حول تقنيات إنشاء ورعاية “غابات الطعام” (التي تضم الأشجار المثمرة والنباتات الطبية والعطرية). هذا التلاقح المعرفي يعد دافعاً أساسياً لضمان استدامة هذه الضيعات ومساهمتها في تحسين الوضع البيئي والزراعي في أقاليم الريف، بما فيها الحسيمة، الناظور، الدريوش، وتازة.
وقد عبّر الوفد الهولندي عن إعجابه بالتنوع البيولوجي الذي تتميز به جبال الريف، مشدداً على أن هذه التحديات البيئية قد تتحول إلى فرصة لإيجاد حلول مبتكرة تلهم مناطق أخرى.
تأتي هذه الزيارة لتؤكد على زخم الشراكة بين “بيرما ريف” و”ريفوريست”، خاصة وأنها تسبق بأسابيع قليلة انطلاق الموسم الخامس لمواسم التشجير. هذا الموسم مرتقب أن يشهد إطلاق النسخة الثانية من مشروع “الضيعات الإيكولوجية”، الذي يهدف إلى توسيع قاعدة هذه الضيعات في المنطقة.
إن نجاح هذه المشاريع البيئية التنموية، كما يؤكد القائمون عليها، يرتكز على التعاون المستمر بين الفاعلين المحليين والدوليين والمزارعين أنفسهم، وتجسيداً للمنهجية التي تتبناها المملكة في إطار التوجهات الوطنية نحو التنمية المستدامة ومكافحة التصحر. هذه المبادرات لا تعيد فقط الغطاء الأخضر لجبال الريف، بل تسهم في تأهيل الفلاحين وتعزيز قدرة الإقليم على التكيف مع المتغيرات المناخية القاسية.












