اعتبر الخبير الاقتصادي المهدي فقير أن القطاع التعاضدي في المغرب ما يزال عاجزاً عن تحقيق الإشعاع التنموي المنشود، بفعل منظومة من الإكراهات القانونية والاستراتيجية التي تكبّل قدراته وتحد من إمكانياته الواسعة. وأوضح، خلال ندوة نظمتها التعاضدية العامة للتربية الوطنية بمدينة أكادير، أن هذه القيود حالت دون تحوّل التعاضد إلى خيار ثالث فعلي يوازي القطاعين العام والخاص، محصورةً إياه في نطاق محدود لا ينسجم مع فلسفته القائمة على التضامن والتكافل الاجتماعي.
وأشار فقير إلى أن الخطأ الاستراتيجي الأبرز يتمثل في اختزال التعاضد لسنوات طويلة في مجال التغطية الصحية فقط، في حين أن مجاله الطبيعي أوسع وأشمل من ذلك بكثير، إذ يُفترض أن يكون رافعة اقتصادية واجتماعية قادرة على مواجهة التحولات المجتمعية وتقديم حلول عملية لمختلف الإشكالات الوطنية. وأضاف أن هذا الحصر جعل القطاع يفقد ديناميته وأبقى عليه رهين تصورات تقليدية تحد من انخراطه الفعلي في تنزيل النموذج التنموي الجديد، رغم ما يتوفر عليه من مؤهلات بشرية وتنظيمية ومصداقية واسعة لدى المواطنين.
وأكد الخبير الاقتصادي أن استمرار هذا الوضع يُفوّت على المغرب فرصة الاستفادة من قطاع قادر على مواجهة التحديات الديموغرافية والاقتصادية الكبرى، وفي مقدمتها زحف الشيخوخة وتراجع الادخار الوطني. ودعا إلى تنظيم مناظرة وطنية جامعة تعيد صياغة رؤية مشتركة حول دور التعاضد وتحرره من القيود القانونية والإدارية التي تعيق نموه، مشدداً على أهمية اعتماد مقاربة تشاركية تضع التعاضد شريكاً مكملاً لا منافساً للقطاعين العام والخاص، بما يضمن دمقرطة الولوج إلى الخدمات الاجتماعية والصحية وتعزيز شبكات الحماية للمواطنين.
01/11/2025











