في حديثه مع صحيفة إسبانية، خرج مغني الراب الإسباني الشهير ، من أصل مغربي مراد الختوتي ، المتحدر من إقليم الدريوش عن صمته ليرد على الانتقادات التي تلاحقه من التيار اليميني المتطرف في بلاده، مؤكداً بفخر أنه “يساهم في بناء المدارس والمستشفيات في إسبانيا من ضرائبه”،
ومعبّراً في الوقت نفسه عن اعتزازه بجذوره المغربية ودعمه الثابت للقضية الفلسطينية.
ولد مراد قبل 26 عاماً ، الذي يعتبر النجم الأول حاليا في إسبانيا، في حي لا فلوريدا بمدينة لوسبيتاليت غرب برشلونة ، أحد أكثر الأحياء كثافة سكانية في أوروبا، حيث نشأ وسط واقع اجتماعي صعب. لم يعرف والده، وفقد حضانة والدته وهو في الثانية عشرة من عمره، ليعيش بعدها في مراكز إيواء للأحداث. بعد إنفصال والده عن والدته .
لكن من رحم المعاناة وُلدت موهبته، إذ بدأ في كتابة كلمات الراب أثناء إقامته في أحد هذه المراكز، محولاً الألم إلى فنٍّ جعل منه اليوم أكثر فنان إسباني استماعاً في أوروبا، بأكثر من 14 مليون مستمع شهرياً على منصة “سبوتيفاي”.
يقول مراد في حديثه: “كنتُ طفلًا غاضبًا، لكن الموسيقى أنقذتني. كانت وسيلتي لأفرغ ما بداخلي دون أن أؤذي أحداً.”
حقق الفنان الشاب حلم كل ابنٍ بارٍّ بأمه عندما اشترى لها بيتاً بعد سنوات من الفقر والتشرد، واعتبر تلك اللحظة “أجمل ما في الحياة”.
ومع الشهرة، لم يتخلَّ مراد عن تواضعه أو عن هويته. ففي الوقت الذي تهاجمه فيه بعض الأصوات المتطرفة وتتهمه بعدم “الانتماء”، يرد قائلاً: “يقولون إنني مغربي كثيرًا… وأنا فخور بذلك! لكن لا تنسوا أنني أدفع كل ضرائبي هنا في إسبانيا، وأسهم في تمويل التعليم والصحة العامة. لقد درست في مدرسة عمومية، وتلقيت العلاج في مستشفيات عمومية. أنا جزء من هذا المجتمع.”
مراد، الذي رفع علم فلسطين في جميع حفلاته، لا يخفي مواقفه السياسية رغم الضغوط. ففي إحدى حفلاته، وجّه رسالة حادة إلى السياسية الإسبانية إيزابيل دياث أيوسو، بعد تصريحاتها المؤيدة لإسرائيل، قائلاً: “أتمنى ألا تعيشي أبداً مأساة مثل التي يعيشها إخوتي الفلسطينيون.”
ويؤكد في المقابلة: “كل من يتعاون معي يعرف أنني أساند فلسطين. وإذا خسرْتُ عقداً بسبب ذلك، فلا يهم. لقد حققت أكثر مما كنت أحلم به. سأبقى سعيداً وشجاعاً.”
منذ بدايته في 2018 بأغنية “Mi barrio” (حيّي)، صار مراد صوتاً لجيلٍ كامل من أبناء المهاجرين في أوروبا، يعبرون من خلاله عن أحلامهم وهويتهم المزدوجة. اليوم أصبح رمزاً لمفهوم MDLR – “ولد الحي”، الذي تحول إلى حركة فنية واجتماعية تكرّس فخر الانتماء إلى الأحياء الشعبية والمناطق المهمشة.
في حياته اليومية، لا يزال مراد مرتبطاً بجذوره. يرعى فريق كرة القدم بحيّه بالشراكة مع “أديداس”، ويمنح تذاكر مجانية لأطفال الحي المتفوقين دراسياً لحضور حفلاته. يقول بفخر: “أريد أن يرى الأطفال أن النجاح ممكن، وأن الرياضة والتعليم هما الطريق. أريد أن يخرج من حينا لامين يامال جديد أو حكيمي جديد.”
رغم مشاكله السابقة مع الشرطة، يؤكد مراد أنه تجاوز مرحلة التهور والتمرد، ويفضل اليوم أن يكون قدوة لا عبئاً. “كنتُ طفلاً وارتكبتُ أخطاء. تعلمت أن أهدأ، أن أفكر قبل التصرف. الآن أستخدم موسيقاي لأرسل رسالة إيجابية.”
الفنان، الذي ملأ الملاعب الأوروبية في جولاته، يحلم الآن بحفل ضخم مجاني مخصص لأطفال الأحياء الشعبية، قائلاً بابتسامة: “أريد أن يكون أكبر حفل في حياتي… لكن مجانياً لأبناء الحي.”
مراد، ابن الجالية المغربية في كاتالونيا، وصاحب فيديوهات جنسية مع إسبانيات ، يجسد اليوم نموذج النجاح الذي كسر الصور النمطية التي تلصق بأبناء المهاجرين. فبينما يحاول اليمين المتطرف الإسباني تحويله إلى “رمز للفشل في الاندماج”، يرد مراد بالفعل لا بالكلام: يبدع، يدفع الضرائب، ويساند القضايا العادلة من موقع النجومية.
إنه صوت جيل جديد من المغاربة في المهجر، لا يخجل من جذوره، ولا ينكر انتماءه لوطن ثانٍ احتضنه، بل يجعل من هويته المزدوجة جسراً للتفاهم لا ساحة للصراع.
مراد هو باختصار “ابن الحيّ المغربي الإسباني” الذي غيّر القواعد وفرض احترامه بالموهبة والموقف.
01/11/2025











