kawalisrif@hotmail.com

المغاربة في إسبانيا … من الجالية العاملة إلى المستثمر العقاري

المغاربة في إسبانيا … من الجالية العاملة إلى المستثمر العقاري

أفادت صحيفة ABC الإسبانية أن المغاربة هم أكثر الأجانب شراءً للعقارات في مدينة إشبيلية، متقدمين على باقي الجاليات الأجنبية المقيمة بالمنطقة.

ورغم أن نسبة الأجانب في سوق العقار المحلي لا تتجاوز 7 في المئة من إجمالي المبيعات، إلا أن حضور المغاربة في هذا المجال يتعزز بشكل ملحوظ عامًا بعد عام، في إشارة واضحة إلى تحول عميق في طبيعة استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي داخل الأندلس.

هذا التحول، كما تصفه الصحيفة، ليس مجرد ظاهرة ظرفية بل تعبير عن نضج جالية مغربية استطاعت أن تنتقل من الهشاشة الاقتصادية إلى مرحلة التملك والاستثمار المستدام، في وقت تعرف فيه أسعار العقار الإسباني ارتفاعًا نسبيًا في كبرى المدن.

يُجمع المراقبون على أن هذه الطفرة لم تأت من فراغ، بل هي ثمرة مسار طويل من الكفاح والاندماج.
فبعد عقود من انخراط المغاربة في قطاعات البناء والخدمات والنقل، انتقلت أجيال جديدة منهم إلى مرحلة الاستقرار العائلي والاستثماري، مدفوعة برغبة في ضمان الأمن السكني وتحقيق تراكم اقتصادي ملموس.

وتشير بيانات مجلس الموثقين الإسبان إلى أن المغاربة باتوا يشكّلون العمود الفقري للجاليات الأجنبية المالكة للعقارات في الجنوب الإسباني، لا سيما في إشبيلية وقادش ومالقة، حيث تمتزج الروابط الجغرافية والثقافية والتاريخية التي تمتد إلى قرون من التفاعل بين الضفتين.

من أبرز الأمثلة على هذا الحضور المتنامي، حي “لا ماكارينا” في قلب إشبيلية، الذي أصبح يعرف محليًا بـ“الحي المغربي الصغير”، حيث تنتشر المتاجر والمخابز والمقاهي والجزارّات الحلال، في مشهد يجسد هوية مغربية منفتحة ومنغرسة في النسيج المحلي.

وتوضح تقارير محلية أن هذا الحي لم يعد مجرد تجمع سكني للمهاجرين، بل تحول إلى منطقة حيوية نابضة بالتنوع الاقتصادي والثقافي، تسهم في تنشيط الحركة التجارية والسياحية داخل المدينة.

ففي الوقت الذي يغادر فيه بعض الإسبان الأحياء التقليدية القديمة، يختار المغاربة إحياءها وإعادة ضخ الحياة فيها عبر الاستثمار والتجديد.

يمثل تصدّر الجالية المغربية لقائمة المشترين الأجانب في إشبيلية تحولًا نوعيًا في علاقة المهاجر المغربي ببلد الإقامة:

من مجرد عامل موسمي يبحث عن فرصة، إلى فاعل اقتصادي واجتماعي حقيقي يؤمن بالاستقرار والمشاركة في التنمية المحلية.

كما يعكس هذا التحول نجاح سياسات الاندماج والتقارب المغربي الإسباني، سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو في إطار التعاون الأورومتوسطي، خاصة أن المغرب يُعدّ اليوم الشريك التجاري الأول لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي.

في العمق، لا يتعلق الأمر بمجرد شراء بيوت أو شقق في الأندلس، بل بعودة رمزية وهادئة إلى فضاء حضاري كان يومًا امتدادًا للروح المغربية.

فما بين الأمس حيث عبر الأجداد البحر نحو الضفة الشمالية بحثًا عن الرزق، واليوم حيث يعبر الأبناء بالاستثمار والمعرفة نحو التمكين الاقتصادي، يرسم المغاربة فصلًا جديدًا في تاريخ العلاقة بين المغرب وإسبانيا — علاقة تتجاوز الجغرافيا نحو تعايش إنساني متبادل يثمر الأمن والازدهار للضفتين.

02/11/2025

Related Posts