رغم الخطط الحكومية وشعارات الإصلاح التي ترافق كل دخول مدرسي، ما تزال الجهة الشرقية تواجه واحدة من أخطر الظواهر التي تنخر جسد التعليم المغربي: الهدر المدرسي.
أرقام حديثة كشفت عن واقع لا يمكن تجاهله، إذ تسجّل الأكاديميات الجهوية نسبًا مقلقة لانقطاع التلاميذ عن الدراسة، ضمنها أكاديمية الشرق بنسبة 2%، متجاوزة المعدل الوطني المحدد في 1.35%، إلى جانب أكاديمية مراكش آسفي التي تتصدر الترتيب بنسبة مقلقة تبلغ 3,92%، تليها أكاديمية بني ملال خنيفرة بنسبة 3,44%، ثم أكاديمية سوس ماسة بنسبة 2,28%، بعدها أكاديمية طنجة تطوان الحسيمة بنسبة 2,18%، ثم أكاديمية الدار البيضاء سطات بنسبة 2,01% .
أما باقي الأكاديميات فتتراوح النسبة بين 0,73% في أكاديمية الرباط سلا القنيطرة، و0,70% في العيون الساقية الحمراء، و1,29% في كلميم واد نون، و1,32% في الداخلة وادي الذهب، و1,34% في فاس
لكن خلف هذه النسب الجافة، تختبئ قصص صامتة لأطفال اضطروا لترك مقاعد الدراسة بسبب الفقر، أو بعد المدرسة، أو لأنهم ببساطة فقدوا الحافز في منظومة لم تعد تمنحهم الأمل. في القرى البعيدة عن وجدة وبركان وجرسيف، يتحول الطريق إلى المدرسة إلى رحلة شاقة وسط البرد والمطر والغبار، وغالبًا ما تنتهي بالانقطاع النهائي.
رغم الجهود المبذولة ضمن المشروع الحكومي “الريادة 2022-2026”، الذي تراهن عليه الدولة لتقليص نسب الانقطاع عبر برامج المواكبة والدعم الاجتماعي، إلا أن الواقع يثبت أن المشكلة أعمق من الأرقام. فالفقر والهشاشة والبعد الجغرافي، إلى جانب ضعف النقل المدرسي وغياب التحفيز داخل المؤسسات، تجعل الحلول المؤقتة مجرد مسكنات.
أطر تربوية في الجهة الشرقية تؤكد أن الوضع “يتطلب تغييرًا جذريًا في فلسفة المدرسة العمومية، لا مجرد إجراءات موسمية”. فالتلميذ – تقول إحدى الأستاذات من تاوريرت – “يحتاج إلى أن يشعر أن المدرسة تنتمي إليه، لا أنها مجرد محطة مؤقتة قبل مغادرة مبكرة نحو المجهول”.
الوزارة بدورها دعت الأكاديميات الجهوية إلى تكثيف الحملات التحسيسية لإرجاع التلاميذ غير المسجلين، لكن الواقع يطرح سؤالًا حادًا: هل تكفي الحملات لإيقاف نزيف بدأ منذ سنوات؟
02/11/2025











