أعادت التصريحات التي أدلت بها برلمانية تحت قبة البرلمان، والمتعلقة بما عُرف إعلامياً بـ”طحين الورق”، النقاش حول مفهوم الحصانة البرلمانية وحدودها بين حرية التعبير والمسؤولية القانونية. فبينما اعتبرها البعض ممارسة لحق النقد البرلماني، رأى آخرون أنها تتجاوز الإطار الدستوري للحصانة حين تمس مؤسسات أو أشخاصاً دون أدلة ملموسة. هذا الجدل القانوني والدستوري أعاد طرح تساؤلات دقيقة حول ما إذا كان من المشروع استعمال المؤسسة التشريعية كمنبر لاتهامات قد تحمل خلفيات انتخابية أو تأثيراً على الرأي العام.
وأوضح كمال الهشومي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريحه لـكواليس الريف، أن الفصل 64 من الدستور يمنح البرلمانيين حماية من المتابعة القضائية بشأن آرائهم أثناء ممارسة مهامهم، لكن هذه الحصانة تظل مقصورة على الجلسات الرسمية ولا تشمل التصريحات الصادرة خارجها. وأشار إلى أن النيابة العامة لا يمكنها متابعة النائب مباشرة بسبب مضمون الكلمة داخل البرلمان، لكنها تملك صلاحية التحقيق في الوقائع المثارة إذا كانت تمس الأمن الغذائي أو الصحة العامة. كما نبه إلى أن أي تصريحات مماثلة تُدلى خارج المؤسسة التشريعية تخضع لقانون الصحافة والنشر الذي يعاقب على نشر أخبار زائفة أو وقائع غير صحيحة، فضلاً عن إمكانية مساءلة أصحابها بتهم السب أو القذف.
من جهته، اعتبر عبد المجيد بوكير، رئيس شعبة القانون والاقتصاد بالكلية متعددة التخصصات بتازة، أن حرية التعبير البرلماني ليست مطلقة، بل تخضع لرقابة قانونية وأخلاقية، خصوصاً إذا مست الأمن العام أو أساءت للمواطنين. وأوضح أن المؤسسات المختصة، مثل الهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، تملك صلاحيات متابعة هذه الحالات ضماناً للشفافية والمساءلة. كما أشار إلى أن الدستور يخول للنيابة العامة التحقيق مع البرلمانيين دون الحاجة لإذن مسبق من البرلمان، بما يكرس مبدأ المساواة أمام القانون. وخلص بوكير إلى أن لجنة الأخلاقيات داخل مجلس النواب تبقى أداة أساسية لضبط الخطاب السياسي تحت القبة، وصون ثقة المواطنين في مؤسساتهم من أي انزلاق أو توظيف انتخابي للمنبر التشريعي.
03/11/2025
