يولي جلالة الملك محمد السادس ، عناية استثنائية بأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وخاصة الجيل الجديد الذي يعيش وسط مجتمعات متعددة الديانات والمذاهب. فالحفاظ على الأمن الروحي والهوياتي لهؤلاء المغاربة يمثل أولوية ملكية، في ظل تصاعد التيارات الدينية المتشددة التي تحاول استقطاب الشباب والعبث بعقولهم بعيداً عن روح الإسلام المغربي المعتدل.
في هذا السياق، تلعب المراكز الإسلامية المغربية بالخارج دوراً محورياً في ترسيخ المذهب المالكي السني، ونشر قيم الوسطية والتسامح التي تميز النموذج الديني المغربي. هذه المراكز تستقبل سنوياً بعثات من الوعاظ والمرشدين والأئمة، يعملون على تأطير الجالية وتقوية صلتها بثوابتها الدينية والوطنية، غير أن استمرارها في أداء مهامها يتطلب دعماً مادياً ولوجستيكياً يوازي حجم المسؤولية.
انطلاقاً من هذه الأهمية، وجّه النائب البرلماني محمادي توحتوح عن دائرة الناظور، سؤالاً إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، حول التدابير المتخذة لتعزيز حضور هذه المراكز وضمان استمراريتها في أداء رسالتها الدينية والتربوية. وقد أكد الوزير في جوابه أن وزارته تعمل وفق رؤية شاملة تنسجم مع التوجيهات الملكية السامية، من خلال إحداث المجلس العلمي المغربي لأوروبا كإطار لتنسيق الجهود، وتعزيز التعاون مع القنصليات والسفارات وممثلي المساجد بالخارج.
وأضاف الوزير أن الوزارة تدعم 18 مركزاً إسلامياً في أوروبا وكندا بما مجموعه 105 ملايين درهم سنوياً، كما أوفدت خلال شهر رمضان الماضي 372 إماماً ومؤطراً دينياً إلى تسع دول لتأطير الجالية ميدانياً. كما يجري إعداد برنامج ديني وإعلامي خاص بمغاربة العالم، بلغات متعددة، بتنسيق مع المجلس العلمي المغربي لأوروبا، فضلاً عن تزويد المساجد والمراكز بـ354 ألف نسخة من المصحف الكريم.
ورغم الإكراهات المرتبطة بالإمكانات المالية والبشرية، تؤكد الوزارة استمرارها في دعم هذه المبادرات التي تجسد الرؤية المتبصرة لجلالة الملك في حماية الأمن الروحي لمغاربة العالم، وتثبيت قيم الاعتدال التي ميزت المملكة عبر قرون.
ففي زمن تتقاطع فيه التيارات وتضطرب فيه القيم، تبقى إمارة المؤمنين صمام الأمان الذي يجمع المغاربة في الداخل والخارج حول هوية دينية موحدة. إنها البوصلة التي تحفظ التوازن، وتربط الأجيال الجديدة بجذورها الروحية، لتظل مغربية الإنسان عنواناً لوطن لا يغيب مهما ابتعدت المسافات.
03/11/2025
