kawalisrif@hotmail.com

المغرب وإسبانيا يعززان التقارب الثقافي عبر بوابة السينما في الأوسكار بفيلم “شارع مالقة”

المغرب وإسبانيا يعززان التقارب الثقافي عبر بوابة السينما في الأوسكار بفيلم “شارع مالقة”

في خطوة رمزية تعكس عمق الروابط الثقافية بين المغرب وإسبانيا، اختار المغرب فيلم “شارع مالقة” (Calle Málaga) ليمثله في سباق جوائز الأوسكار المقبلة، في مبادرة غير مسبوقة تؤكد تلاقح الحضارتين الجارتين على المستويين الفني والإنساني.

الفيلم، الذي تدور أحداثه في مدينة طنجة شمال المغرب، نُفّذ بلغة إسبانية خالصة، ما يعكس طبيعة المدينة كجسر تاريخي بين الضفتين، وفضاء يجمع بين الذاكرة الإسبانية والحضور المغربي في نسيج حضاري واحد. تحكي القصة حكاية ماريا أنخيلِس، وهي امرأة إسبانية مسنّة (تجسد دورها الفنانة الكبيرة كارمن ماورا) تعيش وحيدة في طنجة بعد أن اختارت الاستقرار فيها منذ سنوات، لتجد نفسها أمام تحدٍّ جديد حين تعود ابنتها من مدريد بغرض بيع المنزل الذي يحمل كل ذكرياتها. ومن خلال هذه الرحلة، يستعيد الفيلم سحر المدينة ودفء العلاقات الإنسانية التي تتجاوز الحدود واللغات.

العمل من توقيع المخرجة المغربية مريم التوزاني، التي تقاسمت كتابة السيناريو مع المخرج نبيل عيوش، أحد أبرز الأصوات السينمائية المغربية المعروفة بدفاعها عن قضايا الإنسان والهوية. أما موسيقى الفيلم، فحمل توقيع فرانزيسكا هنكه، فيما أبدعت في الصورة السينمائية فيرجيني سورديج، مانحةً الفيلم عمقًا بصريًا يتماهى مع روح طنجة وأضوائها.

ويضم طاقم التمثيل نخبة من الأسماء البارزة من المغرب وإسبانيا، من بينهم أحمد بولان، ماريا ألفونسا روسّو، طارق رملي، وإيمان أكاندوش، ما يجعل من “شارع مالقة” تجربة فنية متعددة الثقافات تُجسّد التعاون السينمائي الحقيقي بين ضفتي المتوسط.

الفيلم، الذي حظي بإشادة نقدية كبيرة في مهرجان البندقية 2025 حيث فاز بجائزة الجمهور، ينتظر أن يُعرض في القاعات السينمائية خلال مارس 2026، كما رُشّح ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان مار دل بلاتا بالأرجنتين. هذه المسيرة اللامعة تمنحه مكانة قوية في سباق الأوسكار، وتؤكد أن السينما المغربية باتت قادرة على فرض حضورها العالمي برؤية فنية أصيلة ومنفتحة في آن واحد.

في النهاية، لا يمثل “شارع مالقة” مجرد فيلم يتنافس على جائزة عالمية، بل هو جسر ثقافي جديد بين المغرب وإسبانيا، يعيد الاعتبار لذاكرة مشتركة طالما وحّدت الشعوب رغم تباعد السياسات. وكما قال أحد النقاد الإسبان في تعليقه على العمل: «طنجة في الفيلم ليست مجرد مدينة، بل رمز لتعايش حضارتين تتقاسمان الضوء والبحر والإنسان».

هكذا، ومن قلب طنجة، يؤكد المغرب مرة أخرى أنه بلد يكتب تاريخه الثقافي بلغة الفن، ويحوّل الجوار إلى شراكة، والاختلاف إلى حوار خلاق… حوارٌ يعبر البحر، ليصل إلى هوليوود هذه المرة، على وقع موسيقى مغربية وإيقاع أندلسي يجمع ما فرّقته الجغرافيا ووحّدته السينما.

03/11/2025

Related Posts