في خطوة مثيرة داخل الأوساط الأوروبية ، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية عن إطلاق برنامج جديد يهدف إلى تقديم حوافز مالية للأفغان الذين تم قبولهم رسميًا للقدوم إلى ألمانيا، وذلك مقابل العدول عن الهجرة والبقاء في بلدهم الأصلي.
ويشمل هذا العرض، الذي يدخل ضمن سياسة جديدة تهدف إلى تخفيف الضغط على نظام اللجوء الألماني، منح مبالغ مالية مسبقة تصل إلى 1500 يورو للنساء العازبات، إضافة إلى 5000 يورو كمساعدة على بدء الحياة داخل أفغانستان. أما العائلات، فقد رُصدت لها مبالغ أكبر قد تصل إلى 2500 يورو قبل السفر و10 آلاف يورو بعده، مع توفير دعم إضافي للإقامة والطعام والرعاية الصحية لمدة ثلاثة أشهر في البلاد.
ويستهدف هذا البرنامج بشكل خاص نحو 600 شخص مسجلين في برنامج “الجسر”، إضافة إلى حوالي 60 شخصًا مدرجين ضمن قائمة حقوق الإنسان، وهي فئة تشمل الأفغان الذين تعاونوا سابقًا مع مؤسسات غربية أو دافعوا عن الحريات الفردية، وكانوا ينتظرون الانتقال إلى ألمانيا ضمن برامج إعادة التوطين.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تعكس تحولًا في السياسة الألمانية تجاه الهجرة، بعدما تصاعد الجدل السياسي حول الطاقة الاستيعابية للبلاد وتنامي ضغوط الأحزاب اليمينية. كما يقرأها آخرون على أنها محاولة لتخفيف الانتقادات الداخلية بشأن برامج استقبال اللاجئين في وقت تعرف فيه ألمانيا أزمة اقتصادية وتوترًا اجتماعيًا متزايدًا.
من جهة أخرى، أثارت المبادرة موجة استنكار من قبل منظمات حقوقية أوروبية، اعتبرت أن عرض المال مقابل البقاء في مناطق تعاني هشاشة أمنية وإنسانية “يتنافى مع مبادئ الحماية الدولية”، خاصة وأن الوضع في أفغانستان لا يزال محفوفًا بالمخاطر، لاسيما بالنسبة للنساء والنشطاء.
أما في المقابل، فترى برلين أن هذا الخيار يمثل “تدبيرًا إنسانيًا واقعيًا” يمنح المعنيين فرصة اختيارية للعيش بكرامة في وطنهم، مع دعم مالي يساعدهم على إعادة الاندماج دون المخاطرة برحلات لجوء محفوفة بالمآسي.
في الوقت الذي تختار فيه ألمانيا نهج “التحفيز المالي للعودة الطوعية”، يبرز السؤال الأكبر حول مسؤولية الغرب الأخلاقية تجاه الشعوب التي دفعت ثمن تدخلاته السابقة. فهل المال كفيل بتعويض الأمن والحرية؟ أم أنه مجرد غطاء ناعم لسياسات غلق الأبواب في وجه اللاجئين؟
04/11/2025











