في خطوة جديدة تثير نقاشًا متجددًا حول حدود الحرية الدينية في أوروبا، أعلنت السلطات الألمانية، اليوم الأربعاء، عن حظر جمعية “إنتر أكتيف” الإسلامية، متهمة إياها بالدعوة إلى إقامة “الخلافة” وممارسة أنشطة تعتبرها “مناهضة للدستور”، فيما شملت المداهمات مقرات جمعيات أخرى في برلين وهامبورغ وهيسه.
وحسب وزارة الداخلية الألمانية، فقد تم تنفيذ عمليات تفتيش في تسعة عشر عقارًا تابعًا لثلاث جمعيات، من بينها “جينيريشن إسلام” و”ريليتايت إسلام”، في إطار تحقيقات وُصفت بأنها “إجراء وقائي لحماية النظام الديمقراطي”.
وزير الداخلية الاتحادي ألكسندر دوبرينت، قال في بيان رسمي إن “الدعوة إلى الخلافة لا مكان لها في ألمانيا”، مشيرًا إلى أن الحكومة ستتصدى بكل حزم “لكل من يحرض على كراهية إسرائيل أو اليهود، أو يحتقر المرأة والأقليات”.
غير أن مراقبين يرون في هذه التصريحات استمرارًا لنهج يربط بين الممارسة الدينية الإسلامية وبعض مظاهر التطرف، وهو ما قد يعمّق الشعور بالتمييز داخل الجالية المسلمة التي يفوق عدد أفرادها خمسة ملايين نسمة.
ويرى محللون أن هذه الحملة تأتي في سياق أوروبي متوتر يتزايد فيه الخطاب الشعبوي المعادي للمهاجرين، حيث تُستغلّ بعض التجاوزات الفردية لتبرير تشديد المراقبة على الجمعيات الإسلامية، في وقت تطالب فيه منظمات حقوقية ألمانية بضرورة التمييز بين “حرية المعتقد” و”التحريض على الكراهية”.
وتجدر الإشارة إلى أن جمعية “إنتر أكتيف”، التي تأسست سنة 2020، كانت قد نظمت مظاهرات في هامبورغ سنة 2024 تحت شعارات من قبيل “الخلافة هي الحل”، ما جعلها تحت مجهر المراقبة الأمنية بدعوى قربها من “حزب التحرير” المحظور منذ 2003.
وفي يوليوز من السنة الماضية، كانت برلين قد أقدمت على خطوة مشابهة بحظر “المركز الإسلامي في هامبورغ” بدعوى ارتباطه بـ”حزب الله”، وهو القرار الذي أثار في حينه انتقادات واسعة من أوساط أكاديمية ودينية اعتبرت أن ألمانيا تنزلق نحو تضييق غير مبرر على المؤسسات الإسلامية.
وبينما تبرر برلين هذه الإجراءات بضرورات حماية “الديمقراطية الألمانية”، تتعالى أصوات داخلية وخارجية تدعو إلى مقاربة أكثر توازنًا تراعي الخصوصية الثقافية والدينية للمسلمين، وتجنب خلط الأوراق بين الدعوة الدينية السلمية والمشاريع السياسية المتطرفة.
ففي بلد يرفع شعار “حرية المعتقد”، يبقى السؤال مطروحًا بإلحاح: إلى أي حد يمكن للدولة أن تحمي أمنها دون أن تمس جوهر هذه الحرية؟
05/11/2025











