kawalisrif@hotmail.com

إيران تُفرج بشروط عن آخر مواطنَين فرنسيَّين… ماكرون يُرحّب وملف “رهائن الدولة” يطفو من جديد

إيران تُفرج بشروط عن آخر مواطنَين فرنسيَّين… ماكرون يُرحّب وملف “رهائن الدولة” يطفو من جديد

في تطور جديد في مسار العلاقات المتوترة بين باريس وطهران، أعلنت السلطات الإيرانية عن إطلاق سراح مشروط لكلٍّ من سيسيل كولر وجاك باريس، آخر مواطنين فرنسيين كانا يقبعان في السجون الإيرانية منذ أكثر من ثلاث سنوات، بتهم تتعلق بـ”التجسس لصالح أجهزة أجنبية”.

القرار، الذي وصفه مراقبون بأنه “خطوة محسوبة في لعبة الشدّ والجذب بين طهران والغرب”، لاقى ترحيبًا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي عبّر عبر منصة “إكس” عن ارتياحه، مؤكداً أن الجهود الدبلوماسية متواصلة لتأمين عودتهما إلى فرنسا “في أقرب الآجال”.

من جهته، أكّد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن المفرج عنهما يقيمان مؤقتاً داخل مقر السفارة الفرنسية بطهران، في انتظار ما سماه “التحرر الكامل”، مشيداً بـ”المبادرة الإيجابية” من نظيره الإيراني عباس عراقجي.

لكنّ البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإيرانية مساء الثلاثاء أوضح أن الإفراج جاء “بكفالة مالية”، وأن الفرنسيين سيظلان تحت المراقبة إلى حين استكمال المسطرة القانونية، ما يعني عملياً أن حرّيتهما ما تزال مقيّدة.

قضية كولر وباريس تعيد إلى الأذهان ملف “رهائن الدولة” الذي تتهم فيه فرنسا إيران باستخدام مواطنين أجانب كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية أو تبادل سجناء.
ففي السنوات الأخيرة، كثّفت طهران من توقيف الغربيين، بينهم فرنسيون، بتهم التجسس أو “الإخلال بالأمن القومي”، وهو ما تعتبره باريس ممارسة “ممنهجة للابتزاز الدبلوماسي”.

المراقبون في الرباط يربطون بين هذه الملفات وبين محاولات إيران فكّ عزلتها الدولية بعد تصاعد الضغط الغربي بسبب ملفها النووي ودعمها لحركات مسلحة في المنطقة، في حين يرى آخرون أن باريس تحاول توظيف الملف لتأكيد حضورها في الشرق الأوسط بعد تراجع نفوذها في إفريقيا والساحل.

“ارتياح حذر” داخل الأوساط الحقوقية الفرنسية

في باريس، عبّرت عائلتا المفرج عنهما عن “ارتياحهما الكبير” لمغادرتهما السجن بعد أكثر من 1270 يوماً من الاحتجاز القاسي، لكنّ محامي الدفاع أكدوا أن موكليهما “ما زالا رهينين واقعياً” بفعل المنع من مغادرة الأراضي الإيرانية.

ويرى مراقبون أن الإفراج جاء بعد وساطات متعددة، وربما في سياق صفقة غير معلنة شملت إطلاق سراح مهدية إسفندياري، وهي ناشطة إيرانية كانت موقوفة في فرنسا بتهمة الترويج للإرهاب على مواقع التواصل الاجتماعي.

بالنسبة للمراقبين المغاربة، يُعَدّ هذا التطور دليلاً جديداً على هشاشة الثقة بين باريس وشركائها في الشرق الأوسط، خصوصاً في ظل التحولات التي تعرفها المنطقة وتنامي النفوذ الإيراني في ملفات تمتد من غزة إلى الساحل الإفريقي.

كما يرى محللون في الرباط أن هذه الأزمة تبرز مرة أخرى ازدواجية المعايير الفرنسية، فهي تُدين الاحتجاز السياسي في الخارج، بينما تتغاضى عن قضايا تمس الحريات في الداخل أو في علاقاتها مع أنظمة حليفة.

وبينما ينتظر كولر وباريس استكمال الإجراءات لعودتهما إلى باريس، يبقى السؤال مطروحاً:
هل طوت طهران صفحة “رهائن الدولة”، أم أنها فتحت جولة جديدة من الدبلوماسية عبر السجون؟
الجواب، كما يبدو، مرهون بمستقبل العلاقة بين إيران والغرب، وبمدى قدرة فرنسا على استعادة توازنها الدبلوماسي في عالم لا يعترف إلا بلغة المصالح.

05/11/2025

Related Posts