kawalisrif@hotmail.com

مليلية وجهة جديدة للمهاجرين “الهنود الحمر” القادمين من أمريكا اللاتينية

مليلية وجهة جديدة للمهاجرين “الهنود الحمر” القادمين من أمريكا اللاتينية

في مدينة مليلية، تتقاطع طرق الهجرة القادمة من أميركا اللاتينية مع دهاليز البيروقراطية الإسبانية، لتكشف عن مفارقة لافتة بين القوانين والنظام الإداري من جهة، والواقع الميداني من جهة أخرى.

فقد أعلنت الشرطة الإسبانية مؤخرًا عن تفكيك شبكة إجرامية تنشط في أليكانتي ومورسيا وفالنسيا، متخصصة في بيع المواعيد الإدارية الخاصة بطلبات اللجوء. كانت الشبكة تعرض الموعد الواحد بمبالغ تتراوح بين 15 و30 يورو، وصلت أحيانًا إلى 200 يورو، محققة أرباحًا شهرية قُدّرت بأكثر من تسعة آلاف يورو لكل متورط.

هذه ليست المرة الأولى التي تُكتشف فيها مثل هذه الشبكات، لكنها تسلط الضوء على ثغرة عميقة في النظام الإداري الإسباني، حيث تحوّل الحق في اللجوء إلى سلعة في سوق غير قانونية، ما يعكس ضعفًا في آليات الرقابة وصعوبة ضمان العدالة والشفافية في معالجة الملفات.

من بين من تأثروا بهذه الفوضى، الشاب الفنزويلي غييرمو غونثاليث (27 عامًا) المقيم حاليًا في مركز الإيواء المؤقت بمليلية. بعد رحلة طويلة عبر برشلونة وإشبيلية، أرشدته صديقة إلى ما وصفته بـ“الطريق المختصر” نحو اللجوء في هذه المدينة التي تُعرف بسرعة الإجراءات مقارنة بمدن إسبانية أخرى.

وصل غييرمو في فبراير الماضي، وتمكن في اليوم نفسه من حجز موعد رسمي لطلب اللجوء، ليحصل بعد أسابيع على البطاقة الحمراء التي تخوله الإقامة والعمل لمدة سنة قابلة للتجديد. بابتسامة متعبة قال: “في مدن أخرى لم أتلق أي رد رغم اتصالاتي اليومية، أما هنا فكل شيء تم بسرعة غير متوقعة.”

قصة غييرمو ليست حالة منفردة؛ إذ أصبحت مليلية، بحكم موقعها القريب من المغرب، وجهة مفضلة لمئات المهاجرين من أميركا الجنوبية الذين يسعون إلى تسريع مساطر اللجوء. المفارقة أن الحصول على موعد رسمي فيها أسهل بكثير من مدريد أو برشلونة، مما جعلها منفذًا إداريًا يتجاوز بطء النظام المركزي.

لكن هذا الوضع لم يستمر طويلًا، فبعد أن تجاوز عدد المقيمين في مركز الإيواء 850 شخصًا في فبراير الماضي، أغلبهم من كولومبيا وفنزويلا، سارعت وزارة الداخلية الإسبانية إلى غلق باب التسجيل الميداني ووقف استقبال الوافدين من المدن الإسبانية الأخرى. اليوم لم يبق سوى نحو 270 مهاجرًا، ينتظرون الانتقال إلى شبه الجزيرة بحثًا عن حياة أكثر استقرارًا.

وفي خضم ذلك، ظهرت تجارة جديدة تغذيها الحاجة والبيروقراطية؛ إذ أعلنت الشرطة الإسبانية في نوفمبر 2024 عن تفكيك شبكة تستخدم “روبوتات إلكترونية” لاختراق نظام حجز المواعيد الرسمي واحتكارها لبيعها لاحقًا بأسعار مرتفعة في السوق السوداء.

وهكذا تحوّل النظام الإداري الإسباني إلى ساحة مضاربة رقمية تُباع فيها فرص اللجوء كما تُباع التذاكر في الأسواق الموازية.

تبدو مليلية أكثر من مجرد مدينة على أطراف المتوسط؛ إنها مرآة تعكس تناقضات أوروبا في تعاملها مع قضايا الهجرة، بين الخطاب الإنساني والواقع البيروقراطي المعقد، حيث يصبح الأمل ذاته سلعة تُقايض بالمال.

05/11/2025

Related Posts