kawalisrif@hotmail.com

ست دول أوروبية تحظر اللباس الإسلامي الكامل تحت ذريعة الأمن و”كرامة المرأة”

ست دول أوروبية تحظر اللباس الإسلامي الكامل تحت ذريعة الأمن و”كرامة المرأة”

في مشهد يكشف تصاعد النزعة الشعبوية داخل القارة العجوز، أعلنت ست دول أوروبية فرض حظر شامل على ارتداء النقاب والبرقع في الفضاءات العامة، بدعوى حماية “الأمن العام” و“صون كرامة المرأة”. خطوةٌ اعتبرها مراقبون استهدافًا مباشرًا للهوية الدينية للمسلمات أكثر مما هي دفاع عن قيمٍ إنسانية مزعومة.

الجدل عاد إلى الواجهة هذه المرة من برشلونة، بعد أن دعا الحزب الشعبي الإسباني إلى سنّ تشريع مماثل يمنع النقاب والبرقع في الأماكن العامة، رابطًا تقارير “الاندماج والمواطنة” بمدى “احترام القيم الأوروبية”.

غير أن هذا الخطاب ، بحسب متتبعين ، يعكس مقاربة إقصائية تختزل التعدد الثقافي في معيار واحد، وتتعامل مع الرموز الدينية الإسلامية كتهديد للنموذج الغربي أكثر من كونها حرية شخصية مكفولة.

ورغم أن الدستور الإسباني، شأنه شأن مواثيق الاتحاد الأوروبي، يضمن حرية المعتقد والممارسة الدينية، فإن العديد من المجالس المحلية والحكومات الوطنية تتجاهل هذه المبادئ كلما تعلق الأمر بالمرأة المسلمة، لتعيد إنتاج خطاب قديم يربط الحجاب والنقاب بالتطرف أو الاضطهاد.

في المقابل، يرى محللون أن هذا التوجه يعكس ازدواجية الموقف الأوروبي، إذ ترفع الحكومات شعار الأمن وحقوق المرأة، لكنها تغضّ الطرف عن تصاعد الإسلاموفوبيا والتمييز الممنهج ضد الجاليات المسلمة، سواء في المؤسسات التعليمية أو أماكن العمل أو حتى في الشارع العام.

ومن فرنسا، التي كانت أول من شرّع المنع سنة 2011، مرورًا بـبلجيكا والنمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا، تتكرر المبررات ذاتها، في مشهد يراه كثيرون محاولة لتوحيد الناخب الأوروبي المحافظ على حساب حرية فئة بعينها، وتغذية خطاب الخوف من الإسلام في ظل صعود اليمين المتطرف.

أما في المغرب، فقد أثار هذا الجدل موجة من الاستغراب، إذ لم يكن النقاش حول حرية اللباس يومًا عنوانًا للتنافر أو الانقسام، فالحجاب والنقاب في المجتمع المغربي ظلّا تعبيرًا عن التدين الفردي، لا عن توجه سياسي أو أيديولوجي.

في المحصلة، لم تعد قضية النقاب في أوروبا مجرد مسألة لباس، بل تحولت إلى اختبار حقيقي لمدى صدق الشعارات الأوروبية حول الحرية والمساواة واحترام التعدد الثقافي.

فحين تُفرض القوانين لتقييد حرية فئة دينية بعينها، تُصبح “الكرامة” مجرد شعار جميل يخفي وراءه نزعة إقصائية مقلقة، تُظهر أن المسافة بين قيم الغرب وممارساته أوسع مما يُروّج له في خطاباته الرسمية.

القرار يسلّط الضوء على التناقض بين ادعاءات الحرية الأوروبية وممارسات التضييق التي تستهدف المرأة المسلمة في الفضاء العام.

محمد محمودي :  باحث

06/11/2025

Related Posts