kawalisrif@hotmail.com

“الغنيمة التي تُتوّج عهد محمد السادس” كيف خدم ترامب قضية الصحراء المغربية على طبق من ذهب؟

“الغنيمة التي تُتوّج عهد محمد السادس” كيف خدم ترامب قضية الصحراء المغربية على طبق من ذهب؟

في قراءة متعمقة للمشهد الدولي، تكشف صحيفة إلموندو الإسبانية — المحسوبة على اليمين وربما دون قصد — كيف أن الدينامية الجيوسياسية العالمية أخذت منحى يخدم المغرب بقيادة الملك محمد السادس، وأن الموقف الأمريكي بات أكثر وضوحاً في دعمه للسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية. وهو ما تأكد مجدداً بقرار مجلس الأمن الأخير الذي رسّخ، بحكم الواقع، الاعتراف المتنامي بمبادرة الحكم الذاتي كحلّ واقعي وذي مصداقية تحت السيادة المغربية.

منذ 250 سنة، كان المغرب أول دولة في العالم تعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1777. ذلك الموقف التاريخي الاستثنائي ظل حاضراً في الذاكرة السياسية الأمريكية، وأسّس لعلاقات متينة بين الرباط وواشنطن، قائمة على الاحترام والمصالح المتبادلة، بغضّ النظر عن هوية ساكن البيت الأبيض، ديمقراطياً كان أم جمهورياً.

وبعد قرنين ونصف من ذلك الحدث، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في دجنبر 2020 اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، مستحضراً ذلك “الجميل التاريخي” الذي قدّمه المغرب للأمة الأمريكية في بداياتها، ومعتبراً أن الوقت قد حان لرده. وقد جاء هذا القرار في إطار ما عُرف بـ”صفقة القرن” و”اتفاقات أبراهام”، التي فتحت آفاقاً جديدة للتعاون بين المغرب وإسرائيل ضمن مقاربة مبتكرة للسلام الإقليمي.

غير أن القراءة المغربية لما جرى تختلف عن تلك الزاوية الغربية المليئة بالتأويلات.

فالمغرب، في ظل قيادة الملك محمد السادس، تعامل مع التحولات الدولية بعقلانية واستبصار، بينما غرقت المنطقة في فوضى الربيع العربي وانقسامات الشرق الأوسط. اختارت الرباط طريق الواقعية السياسية والانفتاح المتوازن، وجعلت من العمق الإفريقي والبعد المتوسطي ركيزتين أساسيتين لدبلوماسيتها الحديثة.

أما الانفتاح على تل أبيب، فلم يكن هدفاً في ذاته، بل وسيلة لتعزيز مكانة المغرب في خريطة التحالفات الدولية الجديدة، دون أن تتنازل المملكة قيد أنملة عن ثوابتها في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، ضمن مقاربة سيادية متزنة تجمع بين المبدأ والمصلحة.

القرار الأممي الأخير، الذي وصف مبادرة الحكم الذاتي بأنها “حل واقعي وعملي وذو مصداقية”، يمثل حلقة جديدة في مسلسل الاعتراف الدولي بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية. وهو ثمرة عقود من العمل الدبلوماسي الهادئ، الذي جعل من المغرب فاعلاً محورياً بين واشنطن وباريس ولندن، بل وحتى بين موسكو وبكين، في توازن يعكس نضج السياسة الخارجية المغربية واستقلال قرارها الوطني.

لقد أدركت القوى الغربية الكبرى أن استقرار المنطقة لن يتحقق إلا عبر رؤية مغربية واقعية تُجنّب شمال إفريقيا سيناريوهات التفكك والانفصال، وتُقدّم نموذجاً للتنمية والاستقرار في مواجهة خطاب المظلومية والتشظي الذي تتبناه أطراف معروفة بعدائها للوحدة الترابية للمملكة.

بعد مرور خمسين سنة على المسيرة الخضراء، لم يعد المغرب في موقع الدفاع، بل في موقع تثبيت المكاسب وتعزيز التنمية.

فالعيون والداخلة لم تعودا مجرد رمزين وطنيين، بل صارتا فضاءين واعدين للاستثمار والتجارة والفرص الإفريقية الجديدة. هناك حيث تتقاطع مشاريع أمريكية وأوروبية وآسيوية تجسّد على الأرض النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، الذي يجعل من الصحراء المغربية منصة استراتيجية تربط إفريقيا بأوروبا والمحيط الأطلسي.

اليوم، أصبحت الولايات المتحدة أول مستثمر أجنبي في المغرب، متجاوزة فرنسا، بفضل بيئة استقرار سياسي واقتصادي جعلت المملكة شريكاً لا غنى عنه في أمن المتوسط والساحل والصحراء، وفي التنمية الإفريقية المشتركة.

وفي الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، اختار الملك محمد السادس أن يُخاطب العالم بالأفعال لا بالأقوال.

فالمسيرة اليوم لم تعد فقط لاسترجاع الأرض، بل لترسيخ السيادة الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية. لقد تحوّلت القضية الوطنية الأولى إلى ركيزة توحّد المغاربة كافة، وتُجسد نضج الدولة المغربية التي تُدير قضاياها بالعقلانية والشرعية الدولية والتنمية، لا بالشعارات.

 

06/11/2025

Related Posts