kawalisrif@hotmail.com

الحسيمة :     فضيحة صادمة في قرية الأطفال بإمزورن … “قرية الرحمة” التي تحولت إلى مشروع استثماري على أنقاض البراءة !

الحسيمة : فضيحة صادمة في قرية الأطفال بإمزورن … “قرية الرحمة” التي تحولت إلى مشروع استثماري على أنقاض البراءة !

منذ حوالي 3 عقود، شُيِّدت قرية الأطفال بإمزورن (SOS) كواحة إنسانية تُعيد الحنين لأطفال فقدوا دفء العائلة. كانت الحكاية تُروى حينها بنبرة الرحمة والتضامن: مؤسسة احتضنت الأيتام والمتخلى عنهم، تحت إشراف النيابة العامة بالحسيمة، لتأمين تعليمهم وتربيتهم في بيئة تحاكي البيت الحقيقي.

لكنّ الزمن غيّر الوجوه والنيات، فاختلط الإحسان بالاستثمار، والرسالة الإنسانية بمصالح مالية معقدة، ليجد “أطفال الرحمة” أنفسهم في قلب لعبة نفوذ مشبوهة !

القرية التي كان يُفترض أن تكون فضاءً غير ربحي، تتلقى دعمًا سنويًا من الدولة ومنظمات أجنبية، تحولت في السنوات الأخيرة إلى واجهة لمشروع تجاري مغلّف بثوب إنساني.

مصادر متطابقة تؤكد أن بعض المستثمرين تسللوا بهدوء إلى مفاصل القرية، وأقاموا على أرضها — دون أي ترخيص قانوني — مدرسة خاصة تستقبل أبناء الميسورين مقابل رسوم شهرية سمينة، في حين يظل أطفال القرية يعيشون على دعم الجمعيات الدولية وبرامج الرعاية الحكومية.

مدرسة خاصة بُنيت على أرض العمل الخيري، في خرقٍ صارخٍ للقانون ولأخلاقيات العمل الجمعوي، دون احترام دفتر تحملات وزارة التربية الوطنية ولا شروط البناء ولا معايير السلامة.

ورغم كل ذلك، تسير الأمور داخل “القرية-المؤسسة” وكأنها مملكة صغيرة مغلقة، لا يُسمح بالدخول إليها إلا بإذنٍ من “المستثمرين الجدد”!

المعطيات التي حصلت عليها “كواليس الريف” تؤكد أن لجنة تفتيش تابعة لأكاديمية التربية والتعليم ، حلت مؤخرًا بمقر القرية، لتقصي الحقائق حول المدرسة المشيدة داخل أسوار المؤسسة ، والتي شيدت بطرق غير قانونية ودون ترخيص .

غير أن المفاجأة كانت مدوية: بعد زيارة قصيرة، هرع بعض المسؤولين بالقرية إلى الاتصال بجماعة إمزورن لمحاولة “تسوية الوضع”، والحصول على رخصة سكن استعجالية، إلا أن الجماعة رفضت بشكل قاطع، معتبرة أن المشروع أقيم بطريقة غير قانونية تمامًا.

لكن ما حدث بعد ذلك زاد الطين بلة: اللجنة التي كانت مكلفة بإعداد تقرير حول الوضعية المشبوهة ، تلقت ظرفًا ماليًا دسِمًا قُدّر بحوالي 25 ملايين سنتيم , لإخراج تقرير “على المقاس”، يُرضي المستثمرين ويُسكت الأصوات الغاضبة داخل وخارج القرية .

في الوقت الذي تتساقط فيه الدعاوى حول “الاستغلال غير المشروع” لأراضي القرية، يعيش الأطفال والعاملون في ظروف متقلبة، يتلقون دعمًا دوليًا لا يصلهم كاملًا، بينما تتكدس الأرباح في حسابات من يفترض أنهم “أوصياء على الرحمة”.

فهل يعقل أن تتحول جمعية غير ربحية، رُخصت لاحتضان الأطفال الضعفاء، إلى آلة مالية تُدار بعقلية المستثمرين الباحثين عن الربح السريع؟

ما يجري داخل قرية الأطفال بإمزورن ليس مجرد انحراف إداري… بل هو سقوط أخلاقي مدوٍّ!

أن يتحول مأوى اليتامى إلى مشروع تجاري مغلف بالشفقة، فذلك إعلان صارخ عن موت القيم وتفكك الضمير الجمعوي.

من حق الرأي العام أن يعرف، ومن واجب السلطات أن تتحرك، لأن “تقريرًا على المقاس” لا يُخفي جريمة، ولا يُعيد الثقة إلى مؤسسة وُجدت لتكون رمزًا للعطاء لا عنوانًا للفساد.

 

06/11/2025

Related Posts