أحيت القنصلية العامة للمملكة المغربية في الجزيرة الخضراء (الخاضعة لإقليم قادس الإسباني ) الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، التي شكلت محطة فارقة في تاريخ المغرب المعاصر، بإشراف القنصل العام الجديد عبد الله بيدو، وبمشاركة أفراد الجالية المغربية المقيمة في الجنوب الإسباني، وذلك في غياب لافت للسلطات الإسبانية المحلية.
ورغم الطابع الرسمي والاحتفالي للفعالية، فقد حملت المناسبة رسائل دبلوماسية رمزية، خصوصاً أنها تأتي بعد أسبوع واحد فقط من قرار أممي جديد يعزز الموقف المغربي بشأن الصحراء المغربية ويعتبر مقترح الحكم الذاتي حلاً جدياً وواقعياً لإنهاء واحد من أقدم النزاعات في المنطقة المغاربية.
قبل نصف قرن، في السادس من نونبر 1975، لبّى 350 ألف مغربي ومغربية نداء الوطن، الذي وجهه الملك الراحل الحسن الثاني، في مسيرة سلمية لاسترجاع الأقاليم الجنوبية من الاستعمار الإسباني. وقد مهدت هذه المسيرة لتوقيع اتفاقيات مدريد بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا، التي أنهت الوجود الإسباني في الصحراء.
ورغم محاولات جبهة “البوليساريو” الانفصالية المدعومة من الجزائر فرض واقع ميداني بديل، إلا أن المغرب رسّخ وجوده السياسي والعمراني والاقتصادي في الصحراء، حتى أصبحت المدن الجنوبية نموذجاً للتنمية والاستقرار في القارة الإفريقية.
اليوم، وبعد خمسين عاماً، تعترف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على نحو متزايد بجدية المقترح المغربي القاضي بمنح الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً تحت السيادة المغربية، باعتباره الإطار العملي الوحيد القادر على إنهاء النزاع المفتعل.
ويؤكد هذا التوجه القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي، والذي أشاد بجهود المغرب في تنمية أقاليمه الجنوبية واحترامه لمسار الحل السياسي الواقعي.
وفي العيون، حاضرة الأقاليم الجنوبية، عاشت المدينة على إيقاع احتفالات بهيجة طيلة الأسبوع، زينت خلالها الشوارع بالأعلام الوطنية وصور جلالة الملك محمد السادس، كما أقيمت عروض فنية وثقافية متنوعة تجسد روح المسيرة الخضراء.
وشهدت ساحة المشور وسط المدينة تجمعات شعبية ضخمة، شارك فيها مواطنون من مختلف الأعمار يهتفون “الصحراء مغربية إلى الأبد”، بحضور عدد من المسؤولين من بينهم وزير الصحة أمين الطهراوي ووالي الجهة عبد السلام بكرات.
كما تم عرض سيارات ومعدات رمزية استخدمت في المسيرة الخضراء سنة 1975، تخليداً لذكرى المتطوعين الذين صنعوا ملحمة التحرير السلمي.
الذكرى الخمسون لا تُخلّد فقط حدثاً تاريخياً، بل تؤكد أن المسيرة الخضراء لم تنتهِ بعد؛ فهي مستمرة في مشاريع التنمية والبنية التحتية، وفي تعزيز روح الوحدة الوطنية والتضامن الإفريقي.
وقد أعلن رسمياً أن يوم 31 أكتوبر من كل عام، تاريخ القرار الأممي الأخير، سيصبح عيداً وطنياً جديداً باسم “عيد الوحدة”، تخليداً لانتصار الدبلوماسية المغربية في الدفاع عن وحدتها الترابية.
ورغم غياب التمثيلية الإسبانية عن حفل الجزيرة الخضراء، فإن الحضور المغربي القوي والمعبر أكد أن المغرب ماضٍ بثقة في مسيرته نحو المستقبل، متشبث بسيادته ومؤمن بعدالة قضيته الوطنية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
07/11/2025











