إسبانبا : محكمة قادس تصدر أربع سنوات سجناً لمهرب وقود كان يدعم شبكات المخدرات

في خطوة قضائية تاريخية على ساحل قادس، أصدرت المحكمة الجنائية رقم 3 في قادس حكماً بالسجن أربع سنوات على رجل متهم بـ نقل الوقود المخصص لشبكات تهريب المخدرات، فيما يعد أول حكم بالسجن ضد ما يعرف بـ “petaqueo” — أي تزويد زوارق المخدرات بالبنزين. هذه الخطوة تمثل تحولاً جذرياً في السياسة القضائية، بعد أن كان هذا النشاط يُعاقب عليه سابقاً بالغرامات الإدارية فقط، رغم التحذيرات المتكررة للسلطات الأمنية.

المتهم اعترف بالتهم خلال جلسة المحاكمة التي عقدت في 31 أكتوبر 2025، وتم التوصل إلى اتفاق مع نيابة قادس، ليصبح الحكم نهائياً ولا يقبل الطعن. وكان المتهم محتجزاً منذ العام الماضي، بعد توقيفه على خلفية هذه الجرائم، إضافة إلى تعليق سابق لحكم بالسجن بتهمة الاحتيال.

وقع الحادث في 19 نوفمبر 2024 في شارع أفينيدا دل موبيلي بتشيكلانا، أحد الشوارع الأكثر ازدحاماً. لاحظ عناصر الحرس المدني شاحنة مستأجرة تسير بسرعة فائقة وكان الهيكل مثقوباً تحت ثقل الحمولة، ليكشفوا على الفور رائحة قوية للوقود.

تجاهل السائق إشارات التوقف، وبدأ هروباً متهوراً مع مناورات خطيرة كادت تسبب انقلاب الشاحنة، قبل أن يلج موقف أحد المحلات حيث تخلى عن المركبة وحاول الهرب مشياً على الأقدام. لكن الحرس المدني تمكن من إيقافه بعد مقاومة عنيفة.

داخل الشاحنة، تم العثور على 194 برميلاً سعة 25 لتراً، أي ما مجموعه 4,850 لتراً من البنزين. وأكدت خدمة الطب الجنائي للحرس المدني أن الوقود قابل للاشتعال، وأن عملية النقل لم تلتزم بأي معايير السلامة أو القوانين المعمول بها على الطرق العامة.

طالبت النيابة بتوجيه ثلاث تهم: حيازة ونقل مواد قابلة للاشتعال بدون ترخيص، القيادة المتهورة، ومقاومة السلطات، إضافة إلى اقتراح سحب رخصة القيادة لمدة ثلاث سنوات.

وقررت المحكمة سجنه ثلاث سنوات عن الجريمة الرئيسية، وستة أشهر إضافية عن كل جريمة فرعية، ليصبح المجموع أربع سنوات سجناً، مع إبقاء المتهم في السجن بعد إلغاء تعليق عقوبة سابقة.

يعتبر نقل الوقود بشكل غير قانوني نشاطاً موازياً للمخدرات، وقد شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، نظراً للمخاطر الكبيرة على السكان والممتلكات، سواء من حيث احتمال الانفجار أو من حيث تعزيز شبكات التهريب على الساحل القاديسي.

تدرس وزارة الداخلية الإسبانية تعديل القوانين لتصنيف الـ petaqueo كجريمة مستقلة، وتعزيز الإجراءات القضائية لمواجهة هذه الظاهرة التي تهدد الأمن العام وتسهّل شبكات المخدرات عبر مضيق جبل طارق.

هذا الحكم التاريخي يُبرز حجم التحديات الأمنية المرتبطة بالتهريب في السواحل المتوسطية، ويعيد إلى الأذهان ضرورة اليقظة والتعاون الإقليمي بين المغرب وإسبانيا لمواجهة شبكات المخدرات التي تهدد استقرار المجتمعات. فالتهريب لا يقتصر على الأضرار الاقتصادية، بل يضرب السلامة العامة ويزرع الخوف في الأحياء الساحلية، ما يجعل من القضاء الحازم والمراقبة المشددة أدوات لا غنى عنها لضمان أمن المواطنين والحفاظ على استقرار المنطقة.