kawalisrif@hotmail.com

المغرب والجزائر … الوساطة الأميركية الحثيثة قد تحوّل التوتر إلى شراكة استراتيجية في شمال إفريقيا

المغرب والجزائر … الوساطة الأميركية الحثيثة قد تحوّل التوتر إلى شراكة استراتيجية في شمال إفريقيا

على جانبي الحدود المغربية-الجزائرية المغلقة، تتجمع العائلات في مشهد يعكس سنوات من الانقسام والصراع، بينما على الطاولة الدبلوماسية، تحاول الوساطة الأميركية فتح نافذة للحوار بين الرباط والجزائر. وإذا نجحت هذه الخطوة، فقد نشهد تحولاً استراتيجياً في شمال إفريقيا، من التوتر المستمر إلى تعاون مشروط ومثمر.

أكد مبعوث الولايات المتحدة، ستيف ويتكوف، أنّ فريقه “يعمل مع المغرب والجزائر الآن” وأنه “من الممكن التوصّل إلى اتفاق سلام خلال ستين يوماً”. هذه الوساطة الأميركية تأتي في سياق اهتمام متزايد بالاستقرار الإقليمي وتراجع النفوذ الأوروبي التقليدي، فضلاً عن الديناميكية الجديدة في علاقة كل من المغرب والجزائر بالقوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة. وفق تحليلات “معهد واشنطن”، فإن الحوار الأميركي مع البلدين قد يكون فرصة لإعادة ضبط العلاقات المغاربية وتخفيف الاحتقان التاريخي.

إغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر منذ عقود شكّل حاجزاً أمام التكامل الاقتصادي في المنطقة. وفتح الحدود بوساطة أميركية قد يتيح إعادة تشغيل خطوط النقل والطاقة، وتشغيل مشاريع استثمارية مشتركة، بما يدعم الصمود الاقتصادي الإقليمي ويخلق ديناميكية جديدة للتعاون المغاربي. ويشير تحليل مغربي إلى أنّ هذه الخطوة ستعيد الوحدة الاقتصادية المغاربية تدريجياً، مع تعزيز التبادل التجاري وتحفيز الاستثمار المحلي.

تتيح الوساطة الأميركية لكل من المغرب والجزائر استعراض دور جديد في شمال إفريقيا: المغرب بدبلوماسيته النشطةد وبرنامجه للتوسع الإقليمي، والجزائر بمواردها وموقعها الاستراتيجي. ترى واشنطن في ذلك أداة لتعزيز الاستقرار المغاربي، ومواجهة النفوذ المتنامي لدول مثل روسيا والصين في المنطقة.

تظل قضية الصحراء عقبة رئيسية أمام أي اتفاق شامل. المغرب يركز على الاعتراف الدولي بخطة الحكم الذاتي، بينما الجزائر تدعم مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير. أيّ اتفاق سيتطلب تنازلات دقيقة من الطرفين، وربما مسار تفاوضي مرحلي يركز على فتح قنوات التعاون دون الحسم الفوري لكل القضايا الخلافية.

في حال نجاح الوساطة الأميركية، قد يبدأ التعاون الانتقائي بفتح المعابر، وإطلاق مشاريع طاقة مشتركة، وتنسيق أمني. المرحلة التالية يمكن أن تشمل إحياء مشروع الاتحاد المغاربي أو بديل له، وإعادة بناء شبكة التعاون الاقتصادي المغاربي على أسس أكثر تكاملاً وأقل تناقضاً. أما إذا فشلت الوساطة، فستبقى العلاقة بين البلدين قائمة على الشد والجذب، بينما تستمر التحالفات الخارجية في تحديد موازين القوى الإقليمية.

الوساطة الأميركية تمثل فرصة تاريخية لإعادة تشكيل المشهد المغاربي. المغرب قادر على توجيه هذه الديناميكية لصالح تعزيز دوره الإقليمي، وبناء تعاون مغاربي متوازن، يبني اقتصادياً وأمنياً على أسس أكثر استقراراً، بعيداً عن منطق التوتر المستمر والانقسامات التاريخية.

ويبقى المغرب اليوم في موقع القوة والدبلوماسية الذكية، قادراً على تحويل أي مسار وساطة إلى فرصة لتعزيز الاستقرار الإقليمي، وترسيخ مكانته كشريك أساسي في شمال إفريقيا. فالتحول من التوتر إلى تعاون مشروط ليس مجرد حلم، بل هو خطوة واقعية نحو بناء مستقبل مغاربي أكثر تكاملاً، حيث الاقتصاد والأمن والسياسة يلتقون على طاولة الحوار بعيداً عن النزاعات القديمة. المغرب، بهذا الدور، يثبت مرة أخرى أنه ليس مجرد لاعب إقليمي، بل صانع للتوازن ومُوجّه للفرص في قلب القارة.

08/11/2025

Related Posts