kawalisrif@hotmail.com

ضابط إسباني في قفص الاتهام :     ميناء فالنسيا يتحول إلى بوابة كوكايين نحو أوروبا

ضابط إسباني في قفص الاتهام : ميناء فالنسيا يتحول إلى بوابة كوكايين نحو أوروبا

تتواصل سلسلة الفضائح التي تهزّ الأجهزة الأمنية الإسبانية، وهذه المرة في قلب ميناء فالنسيا، حيث يجد قبطان من الحرس المدني الإسباني نفسه متورطًا في واحدة من أكبر قضايا تهريب الكوكايين نحو أوروبا، في مشهد يفضح هشاشة الرقابة داخل أحد أهم الموانئ المتوسطية.

القاضي فرانثيسكو دي خورخي من المحكمة الوطنية الإسبانية فتح تحقيقًا واسعًا في ملف الكابتن خيسوس فرنانديث بولانيو، الذي تم توقيفه أواخر 2024 للاشتباه في علاقته بشبكة دولية لتهريب المخدرات بين أمريكا الجنوبية والبرتغال عبر التراب الإسباني. وقد جاء ذلك بعد اكتشاف شحنة ضخمة بلغت 1.140 كيلوغرامًا من الكوكايين في فالنسيا، تزامنًا مع إرسال حاويات أخرى نحو ميناء “لايشويس” البرتغالي.

التحقيقات الإسبانية كشفت عن خيوط شبكة إجرامية “مستقرة في فالنسيا” حسب توصيف القاضي، تتولى تنظيم عمليات تهريب ضخمة تحت غطاء شحنات قانونية مثل الفواكه أو المسابح البلاستيكية. أما الكابتن بولانيو، فقد تحول “وفق محاضر الشرطة” من مسؤول أمني إلى مستثمر داخل مافيا الكوكايين، يموّل الشحنات ويضمن عبورها السلس من الميناء بفضل موقعه الإداري الحساس.

في إحدى المكالمات التي وثّقتها الشرطة، وعد زعيم الشبكة القبطان بعائدات تصل إلى 700 ألف يورو لكل شريك مقابل استثمار أولي قدره مئة ألف. ليرد القبطان بلا تردد: “نعم، أنا أستثمر معكم”، في ما يشبه توقيعًا رسميًا على خيانة الشرف العسكري.

القضية لا تتوقف عند الكابتن، إذ يشتبه القاضي أيضًا في تورط عنصرين آخرين من الحرس المدني، استخدما صلاحياتهما لإصدار تراخيص مرور مزورة للحاويات المشتبه فيها. المفارقة أن أحد التصاريح الموقّعة صدرت بينما كان الضابط المعني في عطلة رسمية، وهو ما أثار شكوك النيابة العامة ووضع المؤسسة الأمنية في موقف حرج.

رغم محاولات بعض الأطراف في فالنسيا لنقل القضية إلى المحاكم المحلية، أصر القاضي دي خورخي على إبقائها في المحكمة الوطنية، بحجة أن الأمر لا يتعلق بملف محلي بل بـ”منظمة إجرامية عابرة للحدود”، تمتد خيوطها إلى أمريكا الجنوبية والبرتغال، وتعمل وفق هيكل هرمي متكامل.

هذه القضية تسلط الضوء على الثغرات العميقة في المنظومة الأمنية الإسبانية، خاصة في الموانئ الكبرى التي يُفترض أنها تحت المراقبة الدقيقة للاتحاد الأوروبي. وفي الوقت الذي تواصل فيه مدريد تقديم دروس أخلاقية في قضايا الهجرة والمخدرات، تتكشف داخلها شبكات تهريب يقودها من يفترض أنهم “حماة القانون”.

وفي مقابل ذلك، تواصل الموانئ المغربية تعزيز آليات المراقبة والتنسيق الأمني مع شركاء دوليين، مما جعلها نموذجًا في مكافحة التهريب والاتجار عبر المتوسط، في وقت تبدو فيه الموانئ الإسبانية غارقة في بحر من الفضائح.

ميناء فالنسيا الذي كانت تروج له مدريد كـ”بوابة المتوسط” أصبح اليوم بوابة الكوكايين نحو أوروبا، وقبطانه نموذجًا فاضحًا لتحوّل السلطة إلى تجارة مربحة. أما القضاء الإسباني، فيبدو في سباق مع الزمن لإنقاذ ما تبقّى من مصداقية المؤسسات الأمنية في بلد يكثر فيه الحديث عن “الشفافية”، بينما تتكدس الحاويات الملوّثة في مرافئه.

09/11/2025

Related Posts