“حزب ڤوكس يهاجم عيد الأضحى ويعتبره “عادة أجنبية”، والحزب الشعبي يطالب بتصنيف مصارعة الثيران تراثاً إنسانياً”
في مشهد جديد يعكس تصاعد الخطاب المعادي للإسلام داخل الأوساط اليمينية بإسبانيا، يناقش البرلمان الإسباني هذا الأسبوع مقترحات مثيرة للجدل، أبرزها مشروع قانون تقدم به حزب ڤوكس المتطرف يدعو إلى منع الاحتفالات الإسلامية العلنية في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وفي مقدمتها عيد الأضحى، الذي يُعتبر مناسبة رسمية في التقويم المحلي للمدينتين ذواتي الأغلبية المسلمة.
المقترح، الذي سيُعرض أمام لجنة الثقافة بمجلس النواب، يأتي في إطار حملة أوسع يقودها فوكس ضد “الرموز الإسلامية” في الحياة العامة، ويصف فيها الحزب اليميني هذه المناسبات بأنها “عادات دخيلة على الهوية الإسبانية”، مطالباً الحكومة بـ“تحصين الثقافة الوطنية من التأثيرات الأجنبية”.
ويذهب الحزب أبعد من ذلك حين يربط الاحتفالات الإسلامية بـ“تنازلات أيديولوجية وضغوط انتخابية”، في تلميح واضح إلى مواقف الأحزاب التي تعترف بتنوع المجتمع المحلي في المدينتين المحتلتين. كما دعا إلى حماية “الطبخ الإسباني التقليدي” في مواجهة انتشار الأطعمة الحلال.
في المقابل، يتبنى الحزب الشعبي الإسباني (PP)، الشريك التقليدي لليمين المحافظ، مبادرة معاكسة تدعو إلى ترشيح مصارعة الثيران لتصنيفها ضمن التراث الثقافي اللامادي للإنسانية لدى اليونسكو، معتبرًا أن “رفضها يُستخدم من قبل بعض القوى السياسية كورقة ضغط سياسية”.
هذا التناقض الفج بين منع عيد ديني يحتفي بالتضحية والتكافل، وتقديس طقس دموي قائم على تعذيب الحيوانات باسم “التراث”، يعكس – في نظر المتابعين – ازدواجية المعايير الأخلاقية والسياسية داخل اليمين الإسباني.
بالنسبة للمغرب، الذي يعتبر سبتة ومليلية مدينتين تحت الاحتلال الإسباني، فإن هذه المناقشات تكشف العمق الأيديولوجي للسياسة الإسبانية تجاه المكون المغربي والمسلم داخل الثغرين.
فعيد الأضحى في سبتة ومليلية ليس مجرّد احتفال ديني، بل تعبير عن هوية ثقافية متجذرة لدى آلاف الأسر المغربية التي حافظت على شعائرها رغم القيود القانونية المتزايدة ومحاولات التهميش الممنهج.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة جزء من موجة الإسلاموفوبيا الجديدة التي يجري تلميعها بعبارات “حماية التقاليد الوطنية”، بينما تُوجَّه فعلياً ضد المواطنين من أصول مغربية ومسلمة، الذين يشكلون أغلبية سكانية في المدينتين.
من جانبه، قدّم الحزب الاشتراكي (PSOE) مبادرة مختلفة تدعو إلى إدراج المواسم والاحتفالات الشعبية ذات الطابع الديني أو المدني ضمن التراث الإنساني، باعتبارها “تعبيراً عن الروابط التاريخية بين الأجيال”.
مقترح الاشتراكيين، وإن بدا تصالحياً، لم يتطرق إلى الأعياد الإسلامية في سبتة ومليلية، ما يعكس حذراً سياسياً مفرطاً أمام موجة اليمين المتطرف.
الجدل الدائر في مدريد ليس مجرد خلاف برلماني حول الأعياد أو التراث، بل ترجمة لخطاب هوية يقسم المجتمع الإسباني ويعيد طرح سؤال العلاقة مع الجوار المغربي من زاوية ثقافية ودينية متوترة.
وفي الوقت الذي يهاجم فيه اليمين عيد الأضحى، يتغاضى عن كون ملايين الإسبان من أصل مغربي يشكلون اليوم جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي في البلاد، وعن أن سبتة ومليلية ستبقيان شاهدتين على هذا التناقض بين الاحتلال والهوية.











