kawalisrif@hotmail.com

مغربي يحترق في مختبر الموت .. انفجار “زيت القنب” يكشف اقتصاداً سرياً يبتلع الأندلس!

مغربي يحترق في مختبر الموت .. انفجار “زيت القنب” يكشف اقتصاداً سرياً يبتلع الأندلس!

في مدينة أطارفي الهادئة بضواحي غرناطة، استيقظ السكان على دوي انفجار هائل حوّل إحدى الشقق إلى كتلة من اللهب والدخان.

خلف الجدران المحترقة كان المشهد صادماً: شاب مغربي في الخامسة والعشرين من عمره لفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن احترق جسده بالكامل، بينما رفيقه البالغ 21 سنة يصارع الموت في وحدة الحروق بمستشفى إشبيلية.

كشفت التحقيقات الإسبانية أن الشقة لم تكن سوى مختبر سري لإنتاج زيت الحشيش عالي التركيز عبر طريقة تُعرف في عالم المخدرات باسم BHO (Butane Hash Oil)، أي «زيت القنب المستخلص بالبيوتان» — وهي طريقة قاتلة بقدر ما هي مربحة.

داخل تلك الشقة الصغيرة كانت تُمارس واحدة من أخطر عمليات استخراج المخدرات في أوروبا. تقوم التقنية على تمرير غاز البيوتان — المستعمل في الولاعات — داخل أنبوب مملوء بالماريجوانا المطحونة لاستخلاص مادة الـTHC النشطة.

النتيجة: زيت حشيش مركز قد يفوق تركيزه 80%. لكن الكلفة الإنسانية باهظة، إذ يكفي شرارة كهربائية أو سيجارة مشتعلة لتحويل المكان إلى قنبلة غازية قادرة على تدمير بناية بأكملها.

أكد التحقيق الأمني أن الشقة كانت «مغلقة بإحكام لمنع تسرب الروائح»، مما جعلها فخاً قاتلاً للسكان وللشابين نفسيهما. الانفجار الذي وقع يوم 30 أكتوبر الماضي دمّر الطابق بالكامل وأجبر عشرات السكان على الإخلاء، بينما عُثر على أحد الضحايا محروقاً وهو يحاول القفز من الشرفة إلى شقة مجاورة طلباً للنجاة.

بحسب الحرس المدني الإسباني، أصبحت محافظة غرناطة ثاني أكبر مركز لإنتاج القنب الهندي في إسبانيا، بعد إقليم الأندلس الشرقي، حيث تُكتشف سنوياً مزارع سرية في البيوت والضيعات المغلقة. وبسبب وفرة المحصول وتراجع الطلب في السوق التقليدية، لجأت شبكات صغيرة إلى تحويل الماريجوانا الفائضة إلى زيت لتفادي الخسائر وتعظيم الأرباح.

«زيت الحشيش يضاعف قيمة النبتة خمس مرات على الأقل»، يوضح مصدر أمني، «لكن مقابل كل لتر من الزيت هناك احتمال كبير لوقوع انفجار».

وهكذا تتكوّن سلسلة اقتصادية سامة: فلاحون سريون → مختبرات منزلية → تجار أحياء → سوق سوداء رقمية… كلها تعمل خارج أي رقابة ضريبية أو صحية، ما يجعلها اقتصاداً موازياً يُغذي الجريمة ويمتص شباباً من الهامش الاجتماعي، كثير منهم من أصول مغربية.

المفارقة المؤلمة أن قوات الحرس المدني الإسباني، التي تواجه هذا المد المتزايد من مختبرات المخدرات، تعمل بوسائل شبه بدائية. فحسب تقرير حديث صادر عن جمعية الحرس المدني الموحدة (AUGC)، أكثر من 70% من سيارات الدورية تجاوزت 200 ألف كيلومتر، وبعضها في الخدمة منذ أكثر من 25 عاماً. في بعض القرى تُجرى الدوريات سيراً على الأقدام أو باستخدام سيارات معطوبة جزئياً، ما يُضعف قدرة الأجهزة الأمنية على التدخل السريع في حالات الطوارئ مثل انفجارات «مختبرات الزيت».

دعت الجمعية وزارة الداخلية إلى خطة استعجالية لتجديد الأسطول الأمني ومواجهة «الاقتصاد الأسود للقنب» الذي يهدد الأمن العام ويحوّل المساكن المدنية إلى مصانع غير قانونية.

يحمل هذا الحادث أكثر من دلالة مأساوية: الضحايا في معظم هذه القضايا ينحدرون من أصول مغربية، ضائعون بين الهجرة القاسية وإغراء الربح السريع في تجارة لا تعرف رحمة. إنها مأساة الجيل الثاني من المهاجرين الذين وجدوا أنفسهم في قلب «اقتصاد موازٍ» يستغل هشاشتهم الاجتماعية ليحولهم إلى وقود لدواليب الإجرام.

الإعلام الإسباني بدوره يتحاشى الغوص في جذور الأزمة، مفضِّلاً الحديث عن «حوادث عرضية» بدل مواجهة السؤال الحقيقي: كيف تحولت الأندلس إلى جنة زراعة الماريجوانا في أوروبا؟ ولماذا تستمر مدريد في غضّ الطرف عن صناعة تُغذيها البطالة وتُدار أحياناً بأموال قادمة من الخارج؟

في النهاية، ما يُسمّى «زيت الحشيش» ليس سوى زيت الموت. هو نتاج خليط من الطمع والبطالة والتقاعس الأمني وسذاجة شبان يبحثون عن الخلاص في طريق سريع نحو الهلاك. وما لم تتحرك السلطات الإسبانية لإغلاق هذه المختبرات وتجفيف منابع «الاقتصاد الأسود»، فإن غرناطة وغيرها من مدن الجنوب الإسباني ستظل تغلي فوق نار بلا دخان… تنتظر شرارة الانفجار التالي.

 

10/11/2025

Related Posts