في أول خروج إعلامي له منذ مغادرته رئاسة جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية، قدّم ريتشارد مور رؤية قاتمة لمستقبل النظام الدولي، مشيراً إلى أن العالم يشهد مرحلة غير مسبوقة من التفكك في توازنات ما بعد الحرب العالمية الثانية. وقال في مقابلة مع “بلومبرغ” إن التوتر المتصاعد بين القوى الكبرى، ولا سيما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وتنامي المواجهة بين واشنطن وبكين، جعل البيئة الجيوسياسية “الأكثر هشاشة” طوال مسيرته الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود في العمل الاستخباراتي والدبلوماسي.
مور توقف عند الدور المتسع للصين باعتبارها شريكاً اقتصادياً ضخماً وخصماً استراتيجياً في الوقت نفسه، مؤكداً أن بكين منخرطة في جمع معلومات تمس أمن بريطانيا ومصالحها الحيوية، رغم أهميتها في ملفات المناخ والتجارة والتكنولوجيا. كما انتقد روسيا بلهجة أكثر حدّة، متهماً الكرملين بالانتقال من التجسس التقليدي إلى ممارسات هجينة تشمل الهجمات الإلكترونية ومحاولات الاغتيال وحملات التضليل، معتبراً أن الرئيس فلاديمير بوتين لا يسعى إلى أي تسوية حقيقية في أوكرانيا بل إلى فرض نموذج يجعل كييف تابعة لموسكو. وأشار إلى أن المعلومات التي اطّلع عليها قبل مغادرته منصبه تؤكد عدم استعداد بوتين لأي اتفاق، وأن الضغط العسكري والاقتصادي هو السبيل الوحيد لدفعه نحو التفاوض.
وفي الجانب المهني، تحدث مور عن طبيعة العمل الاستخباراتي الذي يتطلب قدراً كبيراً من السرية، لافتاً إلى أن بعض أفراد أسرته لم يكونوا يدركون طبيعة مهامه إلا في مراحل متأخرة. كما أقرّ بأن مرحلة ما بعد هجمات 11 سبتمبر شهدت تجاوزات في التعاون الأمريكي–البريطاني، رغم نفيه تورط MI6 مباشرة في تلك الانتهاكات، مشيراً إلى أن الجهاز خضع لإصلاحات واسعة لاحقاً. وأوضح أن عالم التجسس بات جزءاً من سباق تكنولوجي شرس يعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، وأن التفوق في هذا الميدان لن يتحقق إلا بدمج القدرات التقنية مع الخبرات البشرية. وفي ختام حديثه، أكد أنه لا يخطط لتولي أي مناصب رسمية جديدة، مفضلاً “التفرغ الكامل لدور الجد” بعد سنوات من العمل المكثف.
17/11/2025











