kawalisrif@hotmail.com

ميناء الناظور غرب المتوسّط… ورشة مغربية تُقلق الجار الشمالي وتعيد رسم خرائط التجارة في غرب المتوسط

ميناء الناظور غرب المتوسّط… ورشة مغربية تُقلق الجار الشمالي وتعيد رسم خرائط التجارة في غرب المتوسط

تنظر الصحافة الإسبانية إلى ميناء الناظور غرب المتوسّط بقدر كبير من الانتباه، ممزوجٍ أحيانًا بالقلق وأحيانًا أخرى بالاعتراف بأن المغرب بصدد بناء مشروع ضخم سيعيد توزيع الأوراق الاستراتيجية في غرب البحر الأبيض المتوسط. فبينما يقدّمه المغرب باعتباره رافعة اقتصادية كبرى لتنمية الشرق وتعزيز حيوية ممراته البحرية، تصفه بعض الأقلام الإسبانية بأنه “المنافس المباشر” للموانئ الكبرى في الجنوب الإسباني، وعلى رأسها الجزيرة الخضراء ومليلية المحتلة، معتبرة أن المشروع المغربي يستبق تحوّلات عالمية في سلاسل التوريد قد تغيّر ميزان القوة في المجال البحري.

وترى هذه المنابر أن المغرب يعتمد في هذا المشروع على رؤية اقتصادية طويلة المدى تقوم على بناء منصة مينائية وصناعية ضخمة، مجهّزة لاستقبال أكبر السفن وتطوير مناطق لوجستية تُوجَد عادة في المراكز البحرية الكبرى. وتشير التحليلات الإسبانية إلى أنّ تزايد حضور المغرب في التجارة البحرية العالمية لم يعد حدثًا عابرًا، بل نقطة تحوّل تُظهر قدرة المملكة على الانتقال من اقتصاد واجهة إلى اقتصاد محوري يتموقع على طرق الملاحة الدولية. وتضيف أن قرب الميناء من مضيق جبل طارق يمنحه أفضلية استراتيجية قد تجعل منه مركز عبور مهمًا للشركات الأوروبية والآسيوية الباحثة عن بدائل أقل كلفة وأكثر استقرارًا.

ويذهب كثير من المحلّلين في الصحافة الإسبانية إلى أن هذا المشروع لا ينفصل عن التحوّل الجيو–اقتصادي الذي تشهده المنطقة، حيث يتقدّم المغرب بخطى ثابتة نحو بناء شبكة موانئ حديثة قادرة على منافسة موانئ تقليدية فقدت جزءًا من جاذبيتها. وتعتبر هذه الصحف أن إطلاق مشاريع عملاقة كطنجة المتوسط ثم الناظور غرب المتوسط يعكس توجّهًا مغربيًا لتوسيع نطاق النفوذ البحري، وتحويل الموانئ الوطنية إلى بوابة رئيسية لإفريقيا وأوروبا معًا، مع خلق دينامية استثمارية ستغير ملامح الساحل المتوسطي الشرقي للمملكة.

وفي الوقت الذي يقدّم فيه المغرب مشروعه باعتباره رافعة للتنمية وفرصة لخلق آلاف مناصب الشغل وتعزيز الصناعة الوطنية، تُبرز الصحافة الإسبانية في مقالات عديدة أن انعكاسات هذا الميناء ستتجاوز الاقتصاد لتطال الحسابات السياسية في المنطقة. فنجاحه سيقلّل من أهمية بعض الموانئ الإسبانية ويضعف الأدوار التي أدّتها لسنوات، خاصة تلك الموجودة على حدود مليلية المحتلة. وتعتقد هذه المنابر أن المملكة المغربية تتحرك برؤية متماسكة تجمع بين الاقتصاد والجغرافيا السياسية، مستفيدة من الاستقرار والإصلاحات المستمرة لجذب الاستثمارات الدولية إلى فضاء مينائي جديد سيصبح قريبًا جزءًا أساسيًا من معادلة المتوسط.

وفي النهاية، تتفق الصحافة الإسبانية على أن ميناء الناظور غرب المتوسّط لم يعد مشروعًا تقنيًا أو بنية تحتية عادية، بل عنوانًا لتموقع جديد للمغرب في غرب المتوسط، وصورة واضحة عن انتقال المملكة من موقع التابع إلى موقع الفاعل المؤثر، بما يعزّز سيادتها الاقتصادية ويمنحها حضورًا أقوى في معادلة التوازنات الإقليمية.

18/11/2025

مقالات خاصة

Related Posts