kawalisrif@hotmail.com

الحزب الشعبي الإسباني يرفع منسوب الضغط على حكومة مدريد بسبب “المهاجرين الطائرين” القادمين من المغرب إلى سبتة المحتلة عبر السماء

الحزب الشعبي الإسباني يرفع منسوب الضغط على حكومة مدريد بسبب “المهاجرين الطائرين” القادمين من المغرب إلى سبتة المحتلة عبر السماء

في تطور يعكس استمرار شدّ الحبل السياسي داخل إسبانيا، فتح الحزب الشعبي (PP) جبهة جديدة داخل البرلمان الإسباني موجّهًا سلسلة أسئلة دقيقة ومحرجة للحكومة المركزية حول ما سمّاه بعض نوابه بـ“ظاهرة المهاجرين الطائرين”. وهي التسمية التي تحوّلت إلى عنوان بارز في الإعلام الإسباني، في إشارة إلى بعض الحالات الفردية التي لجأت إلى استعمال المظلات الهوائية (البارابونط) لتجاوز الأسوار الحدودية والدخول إلى سبتة ومليلية المحتلتين.

ورغم محدودية عدد الحالات، فقد حاول نواب الحزب الشعبي، وفي مقدمتهم ممثل سبتة المحتلة خافيير ثيلايا، تضخيم الظاهرة وربطها بقدرات الأمن الإسباني. ووجّهوا للحكومة جملة من الأسئلة حول مدى جاهزية قوات الأمن لرصد هذا النوع غير التقليدي من العبور، مستندين إلى حالتين وقعتا في 3 و29 أكتوبر الجاري، إضافة إلى وقائع مشابهة سُجّلت سابقًا في مليلية المحتلة عامي 2022 و2023.

وذهب الحزب الشعبي أبعد من ذلك حين ساءل الحكومة عمّا إذا كانت قد قامت بـإرجاع هؤلاء الأشخاص إلى المغرب، وهل فتحت تحقيقًا مشتركًا مع السلطات المغربية حول احتمال وجود شبكات تهريب توفر المعدات المستعملة في هذه المغامرات الخطرة التي يصفها الإسبان بأنها “طريقة مبتكرة للدخول غير القانوني”.

اللافت أن بعض هؤلاء الشباب يوثقون لحظات الإقلاع من مناطق مغربية قريبة من الثغور المحتلة وينشرونها على تيك توك، ما حوّل الظاهرة إلى محتوى قابل للانتشار السريع في إسبانيا وأثار نقاشًا سياسيًا وإعلاميًا واسعًا.

ورغم محاولات التهويل، فإن الحرس المدني الإسباني يؤكد – وفق ما نقلته الصحافة – أنه لا يرى في هذه العمليات “مسارًا منظمًا” أو تهديدًا ممنهجًا، لكنه يعترف بأن طريقة العبور هذه أصبحت تتكرر بين حين وآخر وتتطلب مراقبة خاصة، بالنظر إلى خطورتها على من يغامرون بها. وتشير التقارير إلى أن أحد هؤلاء الشباب ينحدر من إفريقيا جنوب الصحراء، فيما الآخر من أصول مغاربية تمت إعادته إلى بلده.

تعكس هذه الضجة السياسية في إسبانيا هشاشة المقاربة الأمنية الإسبانية في الثغور المحتلة، ومحاولة بعض التيارات السياسية – خصوصًا في اليمين – استغلال أي حادث معزول لخلق نقاش انتخابي يخدم أجندتها الداخلية.

فالحديث عن “مهاجرين طائرين” ليس سوى عنوان دعائي يحاول تسويق حالة فردية كأنها موجة جديدة، بينما تعترف الأجهزة الأمنية نفسها بأن الأمر “محدود وغير مقلق”. وفي المقابل، يواصل المغرب تعاونه الأمني واللوجيستي في مكافحة شبكات الاتجار بالبشر وفق مقاربة جدية ومسؤولة، رغم استمرار استغلال بعض الأوساط الإسبانية للملف لأغراض داخلية.

وتبقى جذور المشكلة أعمق من مجرد مظلة هوائية؛ فهي مرتبطة أساسًا بوضعية سبتة ومليلية المحتلتين، وبالفراغ القانوني والسياسي الذي يطبع وضعهما الاستعماري، وما ينتجه ذلك من توترات واستغلال إعلامي عند كل حادث طارئ. وفي النهاية، فإن ما يدفع هؤلاء الشباب للمجازفة بأرواحهم ليس رغبة في “الطيران فوق الحدود”، بل بحثًا عن أفق إنساني أفضل في عالم تتسع فيه الفوارق وتضيق فيه فرص الحياة.

18/11/2025

مقالات خاصة

Related Posts