تستعدّ الهيئة الإسلامية في مليلية المحتلّة لتنظيم فعاليات أسبوعها العلمي الخامس يوم السبت 22 نونبر، ابتداءً من الساعة الخامسة مساءً، بعنوان: “المدينة الذكية: التكنولوجيا، الضبط والأخلاق”. وهي مبادرة باتت تحظى باهتمام واسع داخل المدينة، خاصة في صفوف المغاربة القاطنين بمليلية المحتلّة الذين يشكلون جزءاً أساسياً من نسيجها الاجتماعي والثقافي.
الهيئة تؤكد أن هذا اللقاء العلمي جاء ليمنح سكان المدينة فضاءً للنقاش حول العلاقة المتشابكة بين التطور التكنولوجي والتحولات الاجتماعية، مع إضاءة خاصة على الذكاء الاصطناعي وتخطيط المدن من منظور إسلامي؛ وهو منظور يتقاطع مع الهوية العميقة للسكان المسلمين في مليلية المحتلّة، والذين ظلوا لعقود يطالبون بأن يكون لهم حضور فعلي في رسم مستقبل مدينتهم.
سيحاضر في هذه الدورة باحثان بارزان:
الدكتور جمال توتو، الباحث الدولي وأستاذ الذكاء الاصطناعي،
وعبد العزيز الحماوي، المختص في علم الاجتماع والدراسات الإسلامية.
في حديثه لـ”الفارو”، شدّد نديـل شيلاه، مسؤول الثقافة بالهيئة، على أن مفهوم “المدينة الذكية” يحمل وجهاً مزدوجاً: فهو من جهة يعد بمدن أكثر فعالية واستدامة وجودة حياة، لكنه من جهة أخرى قد يتحول إلى أداة للرقابة والتضييق والتحكم في سلوكات الأفراد، خصوصاً في سياقات هشّة أو محمّلة بإكراهات سياسية.
ولعل هذا النقاش يكتسي حساسية خاصة في مليلية المحتلّة، حيث يتخوف جزء من الساكنة—خصوصاً المغاربة—من أن تتحول أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى أدوات مراقبة إضافية تعمّق الفوارق الاجتماعية القائمة أصلاً.
ستقام الفعاليات في مقر الهيئة بشارع الجنرال أستييرّوس رقم 9، ابتداءً من الساعة 17:00 إلى 19:30، وهي مفتوحة لكافة سكان المدينة.
وسيفتتح اليوم بتلاوة من القرآن الكريم، ليعقبها عرض الدكتور جمال توتو حول “التكنولوجيا ذات الغاية: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسّن جودة حياة الإنسان؟”. وستتطرّق المحاضرة لأسئلة حساسة مثل الخصوصية، المساواة، الشفافية، وتحول المدن في المستقبل، مع تحليل لخطوات بناء مدن ذكية تُحافظ على إنسانيتها قبل أي شيء.
وبعد استراحة قصيرة لأداء صلاة المغرب، سيقدّم عبد العزيز الحماوي محاضرته حول “فلسفة العمران في الإسلام”، منطلقاً من كون المدينة في الإسلام ليست مجرد بنايات وإسمنت، بل فضاء روحي اجتماعي يقوم على العدالة والتماسك والتوازن بين الخاص والعام. هذه الخلاصات تفتح الباب أمام نقاش مهم حول إمكانية استلهام التراث العمراني الإسلامي في إعادة التفكير في مستقبل مليلية المحتلّة نفسها.
الدكتور جمال توتو، ابن مليلية المحتلة، يُعد اليوم أحد أبرز الباحثين في الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي، يجمع بين خبرة أكاديمية عميقة داخل جامعة مالقة وتعاون بحثي مع معهد MIT بالولايات المتحدة. شارك في أكثر من 20 مشروعاً بحثياً، ونُشرت له عشرات الدراسات العلمية واستُشهد بأعماله في أكثر من 2200 بحث.
أما عبد العزيز الحماوي، فهو باحث يجمع بين علم الاجتماع والدراسات الإسلامية، وسبق أن ترأس المركز الثقافي الإسلامي في فالنسيا، وكان أستاذاً في “كرسي الديانات الثلاث” بجامعة فالنسيا لمدة عشر سنوات. كما شغل مهام تكوين وتأطير داخل عدد من المؤسسات الإسلامية الأوروبية.
بعد خمس دورات علمية ناجحة، تقول الهيئة الإسلامية في مليلية المحتلّة إنها فخورة بما قدمته للمدينة في مجالات المعرفة والحوار الفكري. ويرى نديـل شيلاه أن هذه المبادرة باتت “ركيزة ثقافية” في المدينة، تُساهم في معالجة قضايا لا تحظى غالباً بما يكفي من النقاش.
ومع التحولات العميقة التي تعرفها المدينة ديمغرافياً وثقافياً وتقنياً ، يبدو أن هذه اللقاءات ليست فقط حدثاً علمياً، بل منصة لإعادة التفكير في مستقبل مليلية المحتلّة في ظل حضور سكاني مغربي قوي يطالب بأن يكون جزءاً أصيلاً في صياغة الاتجاه الذي تسير إليه هذه الحاضرة المتوسطية.
20/11/2025











