kawalisrif@hotmail.com

شبكة سِيَرْدان … هكذا روّج سانشيز للمقاولات الإسبانية لدى الملك محمد السادس

شبكة سِيَرْدان … هكذا روّج سانشيز للمقاولات الإسبانية لدى الملك محمد السادس

تكشف وثائق الوحدة المركزية العملياتية (UCO) التابعة للحرس المدني الإسباني خيوطاً جديدة في ما بات يُعرف في مدريد بـ «شبكة الحزب الاشتراكي»، وهي شبكةٌ قادها القيادي الاشتراكي سانتوس سيردان، وسعت بحسب التحقيقات ، إلى انتزاع صفقات استراتيجية في المغرب لفائدة شركة أكسيونا ومقاولات أخرى ترتبط بها. أحد أهم تلك المشاريع كان مشروع ميناء صناعي ضخم بمدينـة القنيطرة، وهو مشروع بدأ اهتمام الشبكة به منذ سنة 2018.

غير أن المعطى الأكثر إثارة في الوثائق، هو توقيت هذه التحركات. فبعد أسابيع قليلة فقط من زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى الرباط ولقائه جلالة الملك محمد السادس، كانت خيوط الشبكة تتحرك بوتيرة متسارعة باتجاه المغرب، وكأنّ الزيارة الرسمية لم تكن سوى واجهة دبلوماسية تُهيّئ الأرضية لمصالح اقتصادية موجّهة بعناية.

بعد لقائه بالملك، تحدث سانشيز أمام وسائل الإعلام بإطناب عن “الاستثمار الإسباني في المغرب”، وعن “العلاقات الاقتصادية الممتازة بين البلدين”، مضيفاً أن 2019 سيشهد اجتماعاً رفيع المستوى بين الحكومتين، إضافة إلى منتدى اقتصادي مغربي-إسباني لتشجيع الاستثمارات.

كانت تلك رسائل سياسية إيجابية نحو الرباط، لكن المعطيات التي تكشفها UCO اليوم تُظهر أن الخطاب الدبلوماسي العلني كان يتزامن مع تحركات سرية داخل الحزب الاشتراكي لإسناد مصالح محددة في مشاريع مغربية .

وفق التحقيق، أرسل سيردان في دجنبر 2018 ، مباشرة بعد زيارة سانشيز   أرقام هاتف اثنين من الوزراء المغاربة إلى كولدو غارسيا، اليد اليمنى للوزير خوصي لويس أبالوس آنذاك. وطلب منه التنسيق “مع الوزير الأول”، مستغلاً وجود هذا الأخير في المغرب في تلك الأيام.

وتشير المحاضر إلى أن أكسيونا وسيرڤينبار (التي يملك سيردان 45٪ منها) كانتا تتقاسمان مصالح مشتركة في مشاريع دولية، بينها المشروع المغربي.

وكان سيردان قد قدم لكولدو أسماء وزيرين مغربيين هما عبد القادر اعمارة (التجهيز والنقل واللوجستيك والماء) وعزيز الرباح (الطاقة والمعادن والبيئة)، مؤكداً أن الثاني “محطّ ثقة كاملة”، في إشارة توحي بحجم رهان الشبكة على اختراق مسار المشروع.

في 29 دجنبر 2018، تلقى كولدو رسالة مباشرة من أبالوس يخبره فيها بأن عليه التوجه في 2 يناير إلى القنيطرة “بطلب من السفارة المغربية” للاطلاع على مشروع الميناء الصناعي. فسأل الوزير: “هل هذا مشروع أكسيونا؟”، فجاء الرد: “نعم، أتحدث مع سانتوس”.

وفي 14 يناير 2019، أرسل سيردان لكولدو وثيقتين تقنيتين تحت عنوان “ملخص تنفيذي” و“تقرير الوضع الاجتماعي والبيئي” حول المشروع، مؤكداً أن تحالفاً من الشركات تقوده أكسيونا كان هو المتنافس الرئيسي.

بعد ذلك، بدأت التحركات تتسارع. ففي نهاية يناير، كان أبالوس يخطط لزيارة جديدة للمغرب، وطلب سيردان من كولدو جدول مواعيد الوزير حتى ينسّق للالتحاق بالوفد. وبعد ساعات، كتب له: “الخميس سأسافر معكم إلى المغرب”.

وبالفعل، تمّت الزيارة يومي 25 و26 يناير 2019، وأصدر حينها وزارة النقل الإسبانية بياناً رسمياً يؤكد أن الزيارة تهدف إلى «تعزيز مشاركة الشركات الإسبانية في مشاريع المغرب»، ومنها مشروع ميناء القنيطرة الذي عقدت بشأنه اجتماعات خاصة.

تسجل UCO في تقريرها أن أفراد الشبكة كانوا يعبرون عن استياء وتوتر لأن مشروع القنيطرة لم يُبرم بعد، ما يعكس مدى رهاناتهم عليه، وحجم المكاسب المنتظرة من “الصفقة المغربية”.

يبرز هذا الملف مرة أخرى كيف تتحول العلاقات الثنائية أحياناً إلى أرضية تصفية حسابات سياسية داخل إسبانيا. فبينما ينظر المغرب إلى الشراكة الاقتصادية مع مدريد بمنطق استراتيجي بعيد عن المناورات، تكشف هذه التحقيقات أن أطرافاً داخل السلطة الإسبانية كانت تحاول استغلال القرب من المغرب لأهداف حزبية وتجارية ضيقة.

السؤال : إلى أي حد كانت الحكومة الإسبانية، خلال تلك المرحلة، تفصل بين مسار العلاقات الرسمية مع المغرب ومسار الشبكات الداخلية التي كانت تقتات من صفقات خارجية؟

اليوم، بينما تمضي الرباط بقيادة الملك في مشاريع تنموية كبرى بشفافية متقدمة مقارنة بجوارها الأوروبي الجنوبي، تُظهر هذه القضية التي تفطن لها المغرب ، أن بعض الأطراف في مدريد لم تكن تنظر إلى المغرب كشريك استراتيجي بقدر ما كانت تنظر إليه كفرصة للربح السياسي والمالي ، قبل أن تصطدم بجدار المعقول في المغرب .

20/11/2025

مقالات خاصة

Related Posts